للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اعتبار المدة الأولى بستة أشهر قوله تعالى: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً﴾ [الأحقاف: ١٥]، مع قوله: ﴿وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ﴾ [لقمان: ١٤]، ودليل اعتبار المدة الثانية والثالثة بما ذكر خبر الصحيحين "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وشقي أو سعيد" (١). وأما خبر مسلم "إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة (٢) بعث الله إليها ملكا فصورها" (٣) الحديث فأجيب عنه بأن الخبر الأول أصح أو أن هذا من الترتيب الإخباري كأن قال أخبركم بكذا ثم أخبركم كذا ويجاب أيضا بحمل التصوير في الثاني على غير التام وفي الأول على التام أو بحمله على التصوير بعد المدة المفادة من الأول ولا يمنع منه فاء فصورها إذ التقدير فمضت مدة فصورها كما في قوله تعالى: ﴿فَجَعَلَهُ غُثَاءً﴾ [الأعلى: ٥] "و" يمكن انقضاؤها "بالأقراء لمطلقة بطهر" أي فيه وهي حرة معتادة "باثنين وثلاثين يوما ولحظتين" لحظة للقرء الأول ولحظة للطعن في الحيضة الثالثة وذلك بأن يطلقها وقد بقي من الطهر لحظة ثم تحيض أقل الحيض ثم تطهر أقل الطهر ثم تحيض وتطهر كذلك ثم تطعن في الحيض لحظة.

"ولو خالف" ذلك "عادتها" فإنه يمكن انقضاء عدتها به "وإن كانت مبتدأة فبثمانية وأربعين يوما ولحظة" للطعن في الدم تنقضي عدتها لأن الطهر الذي طلقت فيه ليس بقرء لكونه غير محتوش بدمين ولا يعتبر لحظة أخرى لاحتمال طلاقها في آخر جزء من ذلك الطهر "و" بمضي "سبعة وأربعين يوما ولحظة لمن علق طلاقها بآخر الحيض" فتطهر بعدة أقل الطهر ثم تحيض أقل الحيض ثم تطهر


(١) رواه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، حديث "٣٢٠٨" ومسلم، كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه، حديث "٢٦٤٣".
(٢) "قوله وأما خبر مسلم "إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة" إلخ" أجاب عنه ابن الأستاذ وغيره بأن بعثه الملك في الأربعين الثانية للتصوير وخلق السمع والبصر والجلد واللحم والعظام والتمييز بين الذكر والأنثى وبعثته بعد الأربعين الثالثة لنفخ الروح وقد حصلت المغايرة بين البعثتين ا هـ والحديثان كالصريحين في هذا الجمع قال الزركشي وهو من أحسن الأجوبة قال شيخنا وأما ما يشاهد من تحرك الولد قبل مائة وعشرين يوما خصوصا في الذكر فيحمل الحديث على أنها غاية نهاية الإرسال فلا بدع في أن يحصل النفخ قبلها.
(٣) رواه مسلم، كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي … حديث "٢٦٤٥".