بموضع يختلط فيه المسلمون بالكفار والأحرار بالأرقاء ولا غالب (١)، أو يكونا ظاهري الإسلام والحرية بالدار بل لا بد من معرفة حالهما فيهما باطنا لسهولة الوقوف على ذلك بخلاف العدالة والفسق فلو عقد بمجهولي الإسلام والحرية فبانا مسلمين حرين فظاهر أنهما كالخنثيين (٢)، وسيأتي أنه يصح بهما إذا بانا ذكرين.
"ويصح بسريعي نسيان"(٣) وفي نسخة النسيان لاجتماع الشروط حالا "وبمستورين"(٤) أي: مستوري العدالة وهما المعروفان بها ظاهرا لا باطنا بأن عرفت بالمخالطة دون التزكية عند الحاكم; لأن الظاهر من المسلمين العدالة، ولأن النكاح يجري بين أوساط الناس والعوام ولو اعتبر فيه العدالة الباطنة لاحتاجوا إلى معرفتها ليحضروا من هو متصف بها فيطول الأمر عليهم ويشق (٥)، هذا إذا عقد بهما غير الحاكم فإن عقد بهما الحاكم لم يصح لسهولة الكشف عليه كما جزم به ابن الصلاح في فتاويه والنووي في نكته واختاره السبكي وغيره واقتضى كلام المتولي
(١) "قوله ولا غالب" قال شيخنا هو مثال لما لم يظهر. (٢) "قوله فظاهر أنهما كالخنثيين" أشار إلى تصحيحه وكتب عليه بل أولى; لأن الخنوثة لا تخفى غالبا. (٣) "قوله ويصح بسريعي نسيان" يجب على شهود النكاح ضبط التاريخ بالساعات واللحظات ولا يكفي الضبط بيوم العقد فلا يكفي أن النكاح عقد يوم الجمعة مثلا بل لا بد أن يزيدوا على ذلك بعد الشمس مثلا بلحظة أو لحظتين أو قبل العصر أو المغرب كذلك; لأن النكاح يتعلق به لحاق الولد لستة أشهر ولحظتين من حين العقد فعليهم ضبط التاريخ بذلك لحق النسب ت. (٤) "قوله وبمستورين" قال البلقيني فإن قيل ففي الإمام ما يخالف قول البغوي فقال في ترجمة النكاح بالشهود ولو جهلا حال الشاهدين وتصادقا على النكاح بشاهدين جاز وكان على العدل حتى أعرف الجرح يوم وقع النكاح قلنا مراد الشافعي بذلك ما إذا جهل الزوجان باطن أمرهما ولكن ظاهرهما العدالة ولم يثبت عند الحاكم وكلامه أولا يدل على ما قررناه فإنه قال ولو شهد النكاح من لا تجوز شهادته لم يجز النكاح حتى ينعقد بشاهدين عدلين وقال في المختصر والشهود على العدل حتى يعلم الجرح يوقع وقع النكاح. (٥) "قوله فيطول الأمر عليهم" ويشق فاكتفى بالعدالة الظاهرة كما اكتفى منهم بالتقليد في الحوادث حيث يشق عليهم إدراكها بالدليل ويعلم من حكم المصنف بالبطلان فيما إذا بان فسقهما عند العقد أن الصحة بالمستور إنما هي في الظاهر دون الباطن فلا ينعقد في الباطن على الصحيح إلا بعدلين باطنا.