للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"ولا يجب على الإمام" بعده "قضاؤه من" مال "المصالح" كما جزم به صاحب الأنوار وغيره وقيل يجب عليه بشرط اتساع المال وفضله عن مصالح الأحياء والترجيح من زيادته (١) "وتخيير نسائه" بين مفارقته طلبا للدنيا واختياره طلبا للآخرة لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ﴾ [الأحزاب: ٢٨] الآيتين ولئلا يكون مكرها لهن على الصبر على ما آثره لنفسه من الفقر وهذا لا ينافي ما صح أنه تعوذ من الفقر; لأنه في الحقيقة إنما تعوذ من فتنته كما تعوذ من فتنة الغنى أو تعوذ من فقر القلب (٢) بدليل قوله "ليس الغنى بكثرة العرض وإنما الغنى غنى النفس (٣) " ولما خيرهن واخترنه حرم الله عليه التزوج عليهن والتبدل بهن مكافأة لهن فقال": ﴿لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ﴾ [الأحزاب: ٥٢] الآية ثم نسخ بقوله تعالى: ﴿إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ﴾ [الأحزاب: ٥٠] الآية لتكون له المنة بترك التزوج عليهن ذكره الأصل. "ولا يشترط الجواب" منهن له "فورا" لما في خبر الصحيحين من أنه لما نزلت آية التخيير بدأ بعائشة وقال "إني ذاكر لك أمرا فلا تبادريني بالجواب حتى تستأمري أبويك (٤) ".

"فلو اختارته" واحدة منهن "لم يحرم" عليه طلاقها كأمته (٥) "أو كرهته" بأن


(١) "قوله والترجيح من زيادته" قال الزركشي وهو الراجح وقيد الإمام محل الوجهين بما إذا صدر منه مطل ظلم به ومات فأما إذا لم يملك في حياته ما يؤديه به لم يقض دينه من بيت المال; لأنه لقي الله ولا مظلمة عليه.
(٢) "قوله أو تعوذ من فقر القلب إلخ" الذي استعاذ منه وأعيذ منه الفقر الاضطراري وكان يختار لنفسه الفقر لإيثاره بقوته فلا يبقى في يده شيء اختيارا منه لذلك ع أو أنه استعاذ من الفقر الذي يحصل معه سوء الحال بأن لا يجد ما يكفي من القوت بدليل قوله اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا ت.
(٣) رواه البخاري، كتاب الرفاق، باب الغني غنى النقس، حديث"٦٤٤٦"، مسلم كتاب الزكاة، باب ليس الغني عن كثرة العرض، حديث"١٠٥١".
(٤) رواه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب قوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ﴾، حديث"٤٧٨٦". ورواه مسلم، كتاب الظلاق، باب أن تخييرامرأته لا يكون طلاقا، حديث"١٤٧٥".
(٥) "قوله: لم يحرم طلاقها كأمته" وإذا طلقها هل يكون رجعيا أو بائنا وجهان في الحاوي قال شيخنا الأوجه الأول كاتبه.