للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليجتمع الكلامان، وإنكار الوديعة غير ما قامت به البينة من تلفها فلم يحتج إلى ذكر محتمل، الوديعة أصلها ثابت بتوافقهما وقد قامت البينة على تلف العين قبل الجحود فتسمع على الأصح ولا ضمان حينئذ انتهى.

والأولى أن يفرق بأن مبنى الوديعة على الأمانة والقصد بالدعوى فيها بما ذكر دفع الضمان فسمعت البينة فيها مطلقا بخلاف البيع فافتقر سماعها فيه إلى تأويل "وإن ادعى التلف بعده" أي الجحود "صدق بيمينه وضمن" البدل لخيانته بالجحود "كالغاصب" سواء أقال في جحوده لا شيء لك عندي أم قال لم تودعني وإن ادعى الرد بعده لم يقبل إلا ببينة.

"الحكم الثالث" ردها عند بقائها على مالكها

"الرد لها عليه وهو أهل للقبض (١) واجب بعد الطلب" منه لها (٢) لما مر أول الباب "والمراد به التخلية" بينها وبين مالكها لا أنه يجب عليه مباشرة الرد وتحمل مؤنته بل ذلك على المالك أما إذا لم يكن مالكها أهلا للقبض كأن حجر عليه بسفه (٣) أو كان نائما فوضعها في يده فلا يكفي في الرد بل لا يجوز ويضمن "فإن أخره" بعد الطلب "ضمن" لتقصيره "لا" إن أخره "بعذر كاحتياجه إلى الخروج" (٤) مما هو فيه "وهو في ظلام" الوديعة بخزانته لا يتأتى فتحها إذ ذاك


(١) "قوله: وهو أهل للقبض" يخرج بذلك مسائل كثيرة منها: لو انعزل الولي المودع بفسق أو غيره.
(٢) "قوله: وجب بعد الطلب منه لها" علم منه أنه ليس له إلزام المالك بالإشهاد وإن كان أشهد عليه عند الدفع وهو الأصح فإنه يصدق في الرد بخلاف ما لو طلبها وكيل المودع فإنه لا يقبل قوله في رد الوديعة إليه ولو كان المودع نائبا عن غيره بولاية أو وصاية فعليه أن يشهد له بالبراءة وكتب أيضا قال الروياني: لو أودع لص مشهور باللصوصية مالا عند رجل وغلب على ظن المودع أنه لغيره وطالبه المودع برده فهل يرده يحتمل أن يقال يلزمه رده وهو القياس ويحتمل أن يقال يتوقف ويطلب صاحبه فإذا لم يظهر مع طول الزمان رده.
(٣) "قوله كأن حجر عليه بسفه" أي أو فلس أو مرض ر قال الأذرعي ولو كان المالك سكران مأثوما به فرده عليه برئ.
(٤) "قوله لا بعذر كاحتياجه إلى الخروج" قال الناشري يفهم من كلام الرافعي فيما إذا أخر لإتمام غرض نفسه. مسألة نفيسة وهي أن من استأجر دابة إلى مكان مخوف وشرط عليه المؤجر التزام خطر الضمان فالتزم له ذلك أنه تلزمه العين إن غصبت مثلا وقد عللوا في مواضع أخر بما يقتضيه.