للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"السبب الثامن الجحود" لها

"وجحودها" عن مالكها "بعد الطلب" منه لها "لا قبله خيانة" فيضمنها بخلاف جحودها قبله ولو بحضرة المالك; لأن إخفاءها أبلغ في حفظها "فلو قال" له مالكها "بلا طلب لها: لي عندك وديعة فأنكر" أو سكت كما فهم بالأولى وصرح به الأصل "لم يضمن" لأنه لم يمسكها لنفسه وقد يكون له في الجحود غرض صحيح كان يريد به زيادة الحفظ بخلافه بعد طلبها كما تقرر نعم إن دلت قرينة على أن له غرضا (١) صحيحا كأن أمر الظالم مالكها بطلبها من الوديع فطلبها منه وهو يحب جحودها فجحدها حفظا لها فلا ضمان كما قاله الأذرعي (٢). فلو قال بعد الجحود المضمن كنت غلطت أو نسيت لم يبرأ إلا أن يصدقه المالك.

"فرع": "وإن قامت بينة على الجاحد" للوديعة بإيداعها عنده أو أقر بها "وادعى التلف أو الرد لها قبله" أي الجحود نظرت في صيغة جحوده.

"فإن قال في جحوده لا شيء" (٣) أو لا وديعة "لك عندي صدق" بيمينه في دعواه إذ لا تناقض بين كلاميه نعم إن اعترف بعد الجحود بأنها كانت باقية يومه لم يصدق في دعوى الرد إلا ببينة أو قال "لم ترد عني لم يصدق في الرد" لتناقض كلاميه وظهور خيانته "لكن لو سأل التحليف" للمالك "أو أقام بينة على التلف أو الرد قبل منه" لاحتماله أنه نسي ثم تذكر كما لو قال المدعي لشيء لا بينة لي ثم أتى ببينة فإنها تسمع قال في الأصل: وقد حكينا في المرابحة فيما إذا قال: اشتريت بمائة، ثم قال: بل بمائة وخمسين إن الأصحاب فرقوا بين أن يذكر وجها محتملا في الغلط وأن لا يذكره ولم يتعرضوا لمثله هنا والتسوية بينهما متجهة (٤)، وفرق البلقيني بأن ما قامت به البينة ثم معارض لما أخبر به فاحتيج إلى التأويل


(١) "قوله على أن له فيه غرضا" أي في الجحود.
(٢) "قوله فلا ضمان كما قاله الأذرعي" أشار إلى تصحيحه.
(٣) "قوله: فإن قال في جحوده إلخ" وإن كانت صيغة جحوده ولا يلزمني تسليم شيء إليك صدق في دعوى الرد والتلف مقتضاه الاكتفاء من المودع في الجواب بقوله لا يلزمني تسليم شيء إليك وليس كذلك فإنه ليس عليه التسليم بل التخلية وقد نبه النووي على هذا في آخر الدعاوى فإن الرافعي حكى عن العبادي أنه لا يكفي، ثم يقال وهذا يخالف ما تقدم في الوديعة فأما أن يقدر خلاف أو يؤول ما أطلقوه فصوب النووي التأويل.
(٤) "قوله والتسوية بينهما متجهة" أشار شيخنا إلى تضعيفه.