للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالأقرب أما أقاربه الذين يرثون منه فلا يصرف إليهم شيئا وإن كانوا محتاجين إذ لا يوصى لهم عادة، قال الصيمري: ويمتنع الصرف إلى عبد الموصي.

"وإن أوصى لأقارب زيد أو رحمه (١) وجب استيعابهم" والتسوية بينهم "إن انحصروا" لتعينهم، فإن لم ينحصروا فكالوصية للعلوية وسيأتي "ولو لم يكن" منهم "إلا واحد أعطي الكل" لأن كلا من القرابة والرحم مصدر يوصف به الواحد والجمع، وعلل الإمام صورة الجمع بأن الجمع ليس مقصودا هنا، وإنما المقصود الصرف إلى جهة القرابة، قال الرافعي: لكنه لو كان كذلك لما وجب الاستيعاب كالوصية للفقراء "ويدخل" في الوصية لأقارب زيد أو رحمه "الوارث وغيره، والقريب والبعيد" (٢) والمسلم "والكافر" والذكر والأنثى والخنثى، والفقير والغني; لشمول الاسم لهم "وكذا" يدخل فيها "الأجداد" والجدات "والأحفاد كلهم لا الأبوان والأولاد"; لأنهم لا يعرفون بذلك عرفا بخلاف من قبلهم; إذ قريب الإنسان ورحمه من ينتمي إليه بواسطة.

"ولو أوصى لأقارب نفسه لم تدخل ورثته" بقرينة الشرع; لأن الوارث لا يوصى له عادة، وقيل: يدخلون لوقوع الاسم عليهم، ثم يبطل نصيبهم لتعذر إجازتهم لأنفسهم، ويصح الباقي لغيرهم والترجيح من زيادته، وبه صرح المنهاج كأصله، ويؤخذ من تعليل الثاني أنه لا يبطل جميع - نصيب كل من الورثة وإنما يبطل منه ما يحتاج إلى إجازة نفسه خاصة، وقضيته أنه يعتبر في صحة الوصية


(١) "قوله: أو رحمه" أي أو قرابته أو ذوي قرابته، وكتب أيضا: لو أوصى لمناسب شخص فلمن ينسب إليه من أولاده لا الزوج والزوجة، أو لمن يناسبه دخل الآباء والحواشي، وفي الأم والجدات مطلقا وجهان أصحهما عدم دخولهن في الوصية، ولا تدخل الأخوال والخالات والإخوة للأم.
(٢) "قوله: والقريب والبعيد" استشكل السبكي دخول البعيد في لفظ "الأقارب"; لأن مفرده أفعل التفضيل، ويجاب عن الإشكال بأنا لو اقتصرنا على معنى التفضيل لم تصدق الأقارب إلا على جمع هم أقرب إلى الشخص من غيرهم مع اشتراكهم، والعرف يأبى ذلك، وقد قال تعالى ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾. وفي صحيح البخاري أنها "لما نزلت صعد النبي على الصفا فجعل ينادي: يا بني فهر يا بني عدي لبطون قريش. " وفي رواية أخرى في البخاري: "يا معشر قريش" أو كلمة نحوها، فدل على أن قريشا كلها عشيرته الأقربون، ولعل سببه أن بني آدم كلهم قرائب، ولكن إن بعدت القرابة حتى انقطعت ولم تعرف لم تعد قرابة، وإن عرفت عدت قرابة وأطلق لفظ الأقربين والأقارب عليها; لأنها أقرب من غيرها.