والمتفقهة "والصوفية سبق" بيانه "في الوقف، وأعقل الناس أزهدهم في الدنيا" وكذا أكيس الناس، قاله القاضي (١)"وأجهلهم عبدة الأوثان، فإن قال": أوصيت لأجهلهم "من المسلمين فمن" أي فيصرف إلى من "يسب الصحابة" وقيل: إلى الإمامية والمجسمة، وقيل: إلى مرتكب الكبائر من المسلمين إذ لا شبهة لهم، والترجيح من زيادته، قال الزركشي وقضية كلامهم صحة الوصية (٢) وهو لا يلائم قولهم إنه يشترط في الوصية للجهة عدم المعصية.
وقد تفطن لذلك صاحب الاستقصاء فقال: وينبغي عدم صحتها لما فيها من المعصية كما لا تصح لقاطع الطريق، ولو أوصى لأبخل الناس قال البغوي: صرف إلى مانع الزكاة (٣)، وذكر القاضي هذا احتمالا ثم قال: ويحتمل أن يصرف إلى من لا يقري الضيف، ولو أوصى لأحمق الناس قال الروياني: قال إبراهيم الحربي: تصرف إلى من يقول بالتثليث، وقال الماوردي: عندي أنه يصرف إلى أسفه الناس; لأن الحمق يرجع إلى الفعل دون الاعتقاد، وعن القاضي: لو أوصى لسيد الناس صرف إلى الخليفة، وجرى عليه الماوردي وعلله - بأن سيد الناس هو المتقدم عليهم والمطاع فيهم، قال: ولو أوصى لأعلم الناس صرف إلى الفقهاء لتعلق الفقه بأكثر العلوم.
"وإن أوصى للفقراء والمساكين وجب لكل (٤) " منهما "النصف" فلا يقسم ذلك على عدد رءوسهم "أو لأحدهما دخل" فيه "الآخر"(٥) فيجوز الصرف
(١) "قوله: قاله القاضي" قال البغوي: والزاهد من لا يطلب من الدنيا إلا ما يكفيه وعياله (٢). "قوله: قال الزركشي: وقضية كلامهم صحة الوصية" قال شيخنا: صورته أن يطلق الوصية من غير أن يقصد جهة المعصية فهي حاصلة باللازم فقط. (٣) "قوله: قال البغوي: صرف إلى مانعي الزكاة" أشار إلى تصحيحه. (٤) قوله: وإن أوصى للفقراء والمساكين إلخ" ولو أوصى بألف درهم للفقراء والمساكين وقال: لكل واحد درهم فلم يخرج من ثلثه إلا دون الألف فهل نقول: يراعى العدد فيقسط الخارج على الألف؟ أو نقول: إعطاء الدرهم لكل واحد مقصود والعدد إنما جاء بطريق التبعية؟ لم أقف على نقل في ذلك، والمسألة محتملة، والأقرب أنه يدفع لكل واحد درهم; لأنه أقرب لغرض الموصي، وما فضل من شقص درهم يعطى لشخص. (٥) "قوله: أو لأحدهما دخل الآخر" ويشمل الفقير المسكين وعكسه، المسكين هنا غير مسكين الزكاة فيجوز أن يدفع إليه هنا وإن كان مستحق النفقة على غيره، فالنظر هنا إلى الاسم فقط، وقيل كهو، وهو الصحيح.