للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد تأكد باعترافه فلا يقبل ما يناقضه (١) كما لو بلغ وأفصح بالإسلام ثم وصف الكفر لا يقبل منه ويجعل مرتدا قال البلقيني وينبغي أن يقيد ذلك بما إذا لم يكن في جواب خصومة، وإلا لم يؤثر كما لو قال المشتري لمدعي ملك ما اشتراه على وجه الخصومة: هو ملكي وملك بائعي فله الرجوع على البائع بالثمن إذا ثبت أنه للمدعي وكما لو أنكر شخص الضمان على وجه الخصومة فقامت بينة بضمانه بالإذن فله الرجوع إذا أدى وكما لو أنكر الزوج القذف فقامت به بينة فله اللعان انتهى.

ويجاب بأن الأصحاب لم يعتبروا هذا القيد بدليل مسألتنا فإن دعوى رقه مع الإنكار خصومة ومع ذلك أثر، وبالفرق بين مسألتنا وما استشهد به بأن ما استشهد به فيه بينة فاضمحل بها الإقرار بخلاف مسألتنا "فإذا" الأولى " فلو " "عاد" المكذب له "وصدقه، أو ادعاه غيره وصدقه لم يلتفت إليه" أما في الأولى فلأنه لما كذبه ثبتت حريته بالأصل فلا يعود رقيقا وأما في الثاني فلأن إقراره الأول تضمن نفي الملك عن نفسه لغيره فإذا نفاه الأول خرج عن كونه مملوكا أيضا وصار حرا بالأصل والحرية مظنة حقوق الله تعالى، والعباد فلا سبيل إلى إبطالها بالإقرار الثاني بخلاف نظيره من المال وقضية كلامهم أنه لا تلزمه قيمة نفسه للثاني ويفرق بينه وبين إقرار المرأة (٢) بالنكاح لزيد ثم لعمرو بأن إقراره ليس هو المفوت لحق الثاني بل المفوت له الأصل مع تكذيب الأول له بخلاف إقرار المرأة "وإن سبق منه تصرف" يقتضي نفوذه الحرية "قبل إقراره في" أصل الرق وفي حكمه "المستقبل" مطلقا واستشكل بما لو باع عينا ثم ادعى أنها وقف، أو ملك لغيره فإنه لا يقبل لتعلق حق الغير بها ويجاب بأن عدم القبول إنما هو باعتبار الماضي،


(١) "قوله: فلا يقبل ما يناقضه" ويفارق ما لو أنكرت المطلقة الرجعة، ثم أقرت بها حيث يقبل إقرارها بأن دعواها الرجعة مستندة إلى أصل وهو عدم انقضاء العدة وجعل الشارع القول قولها فيه ائتمانا وقد اعترفت بالخيانة، وإقرار اللقيط بالرق مخالف للأصل وهو الحرية وقد تأكد بالإقرار بالحرية وسكتوا عن اعتبار الرشد في المقر هنا وينبغي اعتباره كغيره من الأقارير وحكى صاحب الإقليد في فتاويه عن شيخه ابن عبد السلام أن اعتراف الجواري بالرق لا يقبل؛ لأن السفه غلب عليهن قال الأذرعي وهذه العلة موجودة في غالب العبيد لا سيما من قرب عهده بالبلوغ فإن صح ما ذكره وجب اعتبار الرشد في المقر منهما ذكرا كان أو أنثى.
(٢) "قوله: ويفرق بين إقرار المرأة إلخ" بأن المقر إن كان حرا فذاك، أو رقيقا فالرقيق لا يلزمه غرم لسيده ش.