فأجيب عنها بأن الأحكام إنما (١) صارت متعلقة بالبلوغ بعد الهجرة في عام الخندق أما قبلها فكانت منوطة بالتمييز، وإذا لم نصحح إسلامه فلا نمنعه من الصلاة والصوم وغيرهما من العبادات قاله الزركشي أخذا من كلام الشافعي (٢).
"ويدخل المميز به" أي بإسلامه مباشرة "الجنة (٣) " قطعا "إذا أسره كما أظهره" ويعبر عنه بصحة إسلامه باطنا لا ظاهرا أي بالنسبة إلى الآخرة دون الدنيا وفي أطفال المشركين إذا ماتوا ولم يتلفظوا بالإسلام خلاف و الأصح أنهم يدخلون الجنة أيضا كما مر "ويحال بينه وبين أبويه" وأهله الكفار "استحبابا" لئلا يفتنوه وطمعا في أن يثبت بعد البلوغ على ما وصفه "فإن بلغ كافرا" بأن وصف الكفر بعد بلوغه "هدد" وطولب بالإسلام "فإن أصر رد إليهما".
"فصل: ويحكم بإسلام صغير وذي جنون ولو طرأ" جنونه "في الكبر تبعا لأحد أبويه (٤) وكذا لسائر أصوله (٥) " وإن لم يكونوا وارثين "كجد أو جدة لأب، أو أم، وإن كان الأقرب حيا" سواء أسلموا قبل العلوق أم بعده؛ لأن
(١) "قوله: بأن الأحكام إلخ" وبأنه كان بالغا عند إسلامه كما نقله القاضي أبو الطيب عن الإمام أحمد. (٢) "قوله: قاله الزركشي أخذا من كلام الشافعي" قال لشيخنا فيه نظر؛ إذ لم يخرج عن كونه محكوما بكفره. (٣) "قوله: ويدخل المميز به الجنة إلخ" قال الجاربردي: ويرد في خاطري أن الجواب أن يقال اعتبار القول إنما هو للدلالة على ما في القلب كما قال الشاعر إن الكلام لفي الفؤاد وإنما جعل اللسان على الفؤاد دليلا وإذا كان اعتباره لدلالة ما في القلب وغير البالغ لا يدل كلامه على موافقة القلب؛ إذ لا اعتداد بإخباره فلا يحكم بإسلامه، وإن كان قلبه موافقا له؛ لأنه سر لا نعلمه ولما كان الله تعالى مطلعا على ضميره وكان موافقة قلبه للسانه معلوما عنده تعالى كان فائزا بالجنة لا محالة. (٤) "قوله: تبعا لأحد أبويه إلخ" لقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾ ولقوله ﷺ "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه" فجعل موجب كفره كفرهما جميعا ولأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه وانعقد الإجماع عليه في إسلام الأب وكذلك الأم عندنا. (٥) "قوله: وكذا لسائر أصوله" قال الناشري يظهر من قوله أحد أصوله أن الرجل لو زنى بكافرة فأتت بولد منه لا يحكم بإسلامه لأنه لا يسمى أصلا؛ إذ يصح ويحل له نكاحها على مذهب الشافعي وقال العلائي في القواعد إنه يحكم بإسلامه على الصحيح وقوله لا يحكم بإسلامه أشار إلى تصحيحه.