اللقيط تعذر معرفة من تلزمه نفقته فإذا بان له قريب وأنفقنا عليه رجعنا بها عليه من غير فرض القاضي للضرورة وقد ذكروا في اللعان أنه إذا ادعى اثنان نسب مولود ووزعنا النفقة عليهما، ثم ظهر أنه ابن أحدهما رجع الآخر عليه بما أنفق وقد صرح بالرجوع على القريب جمع منهم الماوردي والروياني وصاحب التهذيب، والعدة (١)، "أو" ظهر له "مال، أو اكتسبه فالرجوع عليه فإن لم يظهر" له شيء من ذلك "ولا كسب" له "فعلى بيت المال" الرجوع من سهم المصالح؛ لأنه لما وجب الإنفاق عليه منه ابتداء وجب القضاء منه ثانيا واستشكل بأنه إذا لم يظهر مال، ولا كسب له تبين أن النفقة لم تكن قرضا فلا رجوع بها على بيت المال ويجاب بأن كلامهم محله إذا لم نعلم أنه لا شيء له من ذلك فإن علمناه فظاهر أنه لا رجوع (٢) كما لو افتقر رجل وحكم الحاكم على الأغنياء بالإنفاق عليه لا رجوع عليه إذا أيسر كما صرح به في الأنوار.
هذا إن لم يبلغ اللقيط "فإن بلغ فمن سهم المساكين" الشاملين للفقراء أي من سهم المساكين، أو الفقراء "أو الغارمين" بحسب -. ما يراه لا من سهم المصالح هذا تقرير كلامه وهو سهو نشأ من تقديمه بيت المال وزيادته " فإن بلغ "، وعبارة أصله فإن لم يكن شيء من ذلك قضى من سهم المساكين، والغارمين أي لا من سهم المصالح لاغتنائه بذلك وإن حصل في بيت المال مال قبل بلوغه ويساره قضى منه لكن في تقييده هذا بقبل بلوغه نظر واستشكل ما ذكر في المسكين والفقير بأنهما لا يقضى دينهما من ذلك وأجيب بأنه يصرف إليهما قدر كفايتهما، أو ما فوقها فيملكان المصروف، وإذا ملكاه صرف الفاضل عن قدر كفايتهما إلى الدين.
"تنبيه" لو كان ثم وقف على الفقراء هل ينفق على اللقيط منه مقدما على بيت المال ويكون حكمه حكم الموقوف على اللقطاء أو لا.؟ قال السبكي فيه احتمالان عندي أظهرهما الثاني؛ لأنه موصوف بصفة الفقر ولم يتحقق قال الأذرعي ولعل الأول أرجح (٣) إذ لا يشترط في الصرف (٤) إلى من ظاهره الفقر تحققه بل يكفي ظاهر الحال "وللقاضي أن يأذن للملتقط في الإنفاق" على اللقيط
(١) "قوله: وصاحب التهذيب والعدة" قال البلقيني وهو الصواب. (٢) "قوله: فظاهر أنه لا رجوع" أشار إلى تصحيحه. (٣) "قوله: قال الأذرعي ولعل الأول أرجح" أشار إلى تصحيحه. (٤) "قوله: إذ لا يشترط في الصرف إلخ" قال وقد سبق في الوقف ما يعضده.