للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما في المطلب (١) جواز الإعارة أفتى ابن الصلاح بأنه إذا شرط أن لا يؤجر أكثر من سنة ولا يورد عقد على عقد فخرب ولم تمكن عمارته إلا بإيجاره سنين يصح إيجاره سنين (٢) بعقود متفرقة؛ لأن المنع حينئذ يفضي إلى تعطيله وهو مخالف لمصلحة الوقف ووافقه السبكي والأذرعي إلا في اعتبار التقييد بعقود متفرقة فرداه عليه وقالا ينبغي الجواز في عقد واحد (٣)، قلت بل الذي ينبغي ما أفتى به ابن الصلاح؛ لأن الضرورة تتقدر بقدرها "ولو وقف مسجدا، أو مقبرة على الشافعية، أو الحنفية" مثلا "صح وتخصص" بهم "كالمدارس" والربط رعاية للشرط وقطعا للنزاع في إقامة الشعائر.

"الشرط الرابع: بيان المصرف (٤)، وإذا لم يبينه" كأن قال: وقفت هذا


=وقوله: إن الأقرب الثاني فيه نظر فإنه قد يعيرها لمن ينتفع بها فإن الظاهر في المطلب أن للموقوف عليه الإعارة حيث منع الإجارة إذا لم يمنع الواقف من ذلك؛ لأن من ملك منفعة ملك إعارتها ويجوز أن يزرع في الأرض لنفسه شيئا وإن قل أن ينتفع بما ينبت فيها من الكلأ ونحو ذلك فس قال شيخنا ما ذكره من النظر فيه نظر؛ إذ فرض المسألة فيما لا يتأتى الانتفاع به إلا بالإجارة.
"تنبيه" لو شرط الواقف أن لا يؤجر أكثر من ثلاث سنين فأجره الناظر ست سنين في عقدين لم يصح العقد الثاني كما أفتى به ابن الصلاح وهو الراجح وإن قلنا بصحة إجارة الزمان القابل من المستأجر اتباعا لشرط الواقف فإن مدرك الصحة في صحتها من المستأجر جعل المدتين المتصلتين في العقدين كالمدة الواحدة وهذا يقتضي المنع عنا وخالفه ابن الأستاذ وقال ينبغي أن يصح نظرا إلى ظاهر اللفظ وجزم بهذا في الأنوار وكتب أيضا قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام في أماليه لو شرط واقف المدرسة أن لا يشتغل المعيد بها أكثر من عشرين سنة ولم يكن في البلد معيد غيره جاز استمراره وأخذه المعلوم لأن العرف يشهد بأن الواقف لم يرد شغور مدرسته وإنما أراد أن ينتفع هذا مدة وغيره أخرى قال وكذلك الحكم في كل شرط يشهد العرف بتخصيصه.
(١) "قوله: والظاهر كما في المطلب إلخ" أشار إلى تصحيحه وكذا قوله: وأفتى ابن الصلاح إلخ.
(٢) "قوله: يصح إيجاره سنين" تجوز الزيادة على ما شرطه إلى حد يمكن أن ينتفع به ولا تجوز الزيادة على ذلك وممن أفتى بصحته ابن رزين وأئمة عصره.
(٣) "قوله: وقالا ينبغي الجواز في عقد واحد" وقد أفتى بذلك تلميذه ابن رزين ولم يقيده بذلك.
(٤) "قوله: الشرط الرابع بيان المصرف" قال الأذرعي لينظر فيما لو اقتصر على وقفت لفظا ونوى بقلبه تعيين شخص، أو جماعة أو جهة وينبغي أن يقال بالصحة. ا هـ. الراجح عدمها؛ لأن الماهية تنعدم بانعدام ركن من أركانها، أو شرط من شروطها؛ إذ لا تغني نيته عن ذكره.