"فصل: ومتى" دفع ثوبا إلى خياط ليقطعه ويخيطه فخاطه قباء ثم "اختلفا" فيما أذن فيه المالك "فقال" الخياط "خطته قباء بأمرك" فلي الأجرة "فقال" المالك "إنما أمرتك بقميص" أي بقطعه قميصا "صدق المالك (١) بيمينه" كما لو اختلفا في أصل الإذن فيحلف أنه ما أذن له في قطعه قباء وهذا كما لو قال دفعت هذا المال إليك وديعة فقال بل رهنا أو هبة ولأن الخياط (٢) معترف بأنه أحدث في الثوب نقصا وادعى أنه مأذون له فيه والأصل عدمه ولأنه يدعي أنه أتى بالعمل الذي استأجره عليه والمالك ينكره فأشبه ما لو استأجره لحمل متاع وقال الأجير حملت وأنكر المالك وقيل إنهما يتحالفان ورد بأنهما لم يختلفا في عقد الإجارة بل في الإذن لأن المسألة مفروضة في دفع الثوب بلا عقد وفيه نظر لأن الشيخين حكيا طريقة أنه إن جرى بينهما عقد تعين التحالف وإلا فالقولان.
والوجه أن يجاب بأن صورة المسألة (٣) فيما إذا جرى عقد أن يأذن له في القطع أو لا ثم بعقد الإجارة على الخياطة ثم بعد الخياطة يختلفان في كيفية العقد وفي الإذن الواقع قبله، والتحالف إنما يكون فيما إذا اختلفا في كيفية العقد فقط "واستحق" على الخياط "الأرش" لثبوت قطعه قباء بغير إذن "فقيل" هو "ما بين قيمته صحيحا ومقطوعا" لأنه أثبت بيمينه أنه لم يأذن في قطعه قباء وصححه ابن أبي عصرون وغيره ونقل ابن الرفعة تصحيحه عن الإمام وقال الإسنوي إنه الأصح فإن الأصحاب بنوا الخلاف على أصلين يقتضيان ذلك "وقيل ما بين قيمته
(١) "قوله: صدق المالك" لو أتى الخياط بثوب وقال هذا ثوبك فقال بل غيره قال البندنيجي يصدق الخياط بيمينه وهكذا كل أجير فإذا حلف فقد اعترف له بثوب وهو لا يدعيه وقوله قال البندنيجي أشار إلى تصحيحه. (٢) "قوله: ولأن الخياط إلخ" أشار إلى تصحيحه وكتب عليه هو ما علل به المزني من أن من أحدث فيما لا يملكه شيئا فهو مأخوذ بما أحدثه وإن الدعوى لا تنفعه والخياط مقر بأنه قطع الثوب وادعى إذنا وأجرة فإذا لم يقم البينة ضمن ما أحدثه. (٣) "قوله: والوجه أن يجاب بأن صورة المسألة إلخ" قال ابن العماد إنما صورة المسألة أن يقطع أولا بإذن، ثم يعاقده كما جرت عادة الخياطين بالقطع قبل المعاقدة، أو يخيط بالعقد الفاسد فتجب الأجرة إذ الاستئجار على خياطة الثوب المعين قبل قطعه لا يجوز لكونه عقدا على منفعة مستقبلة لأنه لا يمكن الشروع فيها بالعقد بل بعد القطع.