وكذا لو أجره بنفقته وكسوته وهذا لا ينافيه جواز الحج بالرزق لأنه ليس بإجارة كما اقتضاه قول الشرح الصغير والروضة يجوز الحج بالرزق كما يجوز بالإجارة بل هو نوع من التراضي والمعونة (١) كما أشار إليه البيهقي واختاره السبكي، وأما إيجار عمر أرض السواد بأجرة مجهولة فلما فيه من المصلحة العامة المؤبدة.
"وإن شرط أن يعمر الدار" ولو "بأجرتها" بأن أجرها بعمارتها أو بدراهم معلومة على أن يعمرها ولا يحسب ما ينفق من الأجرة أو على أن يصرف الدراهم في عمارتها "لم يصح" العقد للجهل بمقدار الأجرة ووجهه في الأخيرتين أن الأجرة الدراهم مع العمارة أو الصرف إليها وذلك عمل مجهول قال ابن الرفعة وقضيته أنه لو كان العمل معلوما صح وفيه نظر من جهة أن هذا كبيع الزرع على أن يحصده البائع (٢)؛ لأنه بيع وشرط عمل فيه يقصد مثله في الأملاك "فإن فعل" المشروط "رجع" بأجرته وبما صرفه لأنه أنفقه بالإذن بشرط العوض "وإن أطلق" العقد عن ذكر شرط صرف الأجرة "ثم أذن" له المؤجر "بصرفها في العمارة وتبرع" المستأجر "به" أي بالصرف "جاز" قال ابن الرفعة ولم يخرجوه على اتحاد القابض والمقبض لوقوعه ضمنا (٣).
"وإن اختلفا في قدر الإنفاق فمن يصدق" منهما؟ "قولان" أشبههما في الأنوار: المنفق إن ادعى محتملا (٤) وبه -. جزم ابن الصباغ وغيره لأن الآذن له
(١) "قوله: بل هو نوع من التراضي والمعونة" لعله جعالة اغتفر فيها الجهل بالجعل كمسألة العلج، أو أن العامل يتبرع على صاحبه بالحج، وصاحبه يتبرع عليه بالنفقة. (٢) "قوله: كبيع الزرع على أن يحصده البائع" أشار إلى تصحيحه. (٣) "قوله: لوقوعه ضمنا" كأنهم جعلوا القابض إن لم يكن معينا كالوكيل عن المؤجر وكالة ضمنية قال شيخنا ويؤخذ من ذلك بطريق الأولى صحة تسويغ الناظر بعض مستحقي الوقف بمعلومه على بعض سكان العين الموقوفة لأن الساكن ينزل منزلة وكيل الناظر كما لو أذن له في صرف الأجرة في العمارة ويصح قبض المستحق لنفسه أيضا وتبرأ به ذمة الدافع. (٤) "قوله: أشبههما في الأنوار المنفق إن ادعى محتملا" هو الأصح كما صححه السبكي وغيره وهو نظير ما صححاه في مسألة هرب الجمال إذا أذن له الحاكم في الإنفاق. ويعضده نص الشافعي فيما إذا أجر دارا بعشرين دينارا على أن ينفق ما تحتاج إليه الدار فالإجارة فاسدة والقول قوله: فيما أنفقته لأنه أمين إذا كان ما أنفقه أقل من عشرين دينارا لأن إذنه يتناول الإنفاق مبهما وإذا جعله الشافعي أمينا في الإجارة الفاسدة ففي الصحيحة أولى.