"ويجوز لمن داره في آخر السكة تقديم بابه فيما يختص به، وجعل ما بينهما"أي بين آخرها وبابه "دهليزا"بكسر الدال; لأنه تصرف في ملكه "وإن صالحه"غيره بمال "ليجري نهرا في أرضه فهو تمليك له"أي للمصالح "لمكان النهر بخلاف"الصلح عن "إجراء الماء على السقف و"عن "فتح باب إلى دار الجار فإنه يصح وليس تمليكا"لشيء من السقف والدار "; لأن المقصود منهما"في عقد الصلح "عين الإجراء والاستطراق"مع كونهما لا يقصد منهما ذلك في ذاتهما بخلاف الأرض، وهذا لا ينافي فرق الأصل بين عدم الملك فيهما والملك في السكة بالصلح عن فتح باب فيها بأنها لا تراد إلا للاستطراق فإثباته فيها يكون نقلا للملك بخلافهما، فإنه لا يقصد بهما الاستطراق وإجراء الماء. ولو قرئ غير بالمعجمة والراء لم يحتج للعناية المذكورة
"ومشتري حق إجراء النهر فيهما"أي في السقف والدار "كمشتري حق البناء"عليهما في أن العقد ليس بيعا محضا، ولا إجارة محضة بل فيه شائبة بيع وإجارة (١) كما سيأتي بيانه والتصريح بهذا من زيادته هنا لكن في تعبيره بالنهر تجوز لأن إجراء مائه لا يأتي في السقف كما سيأتي ولو قال فيها بلا ميم (٢) أي في الأرض لسلم من ذلك.
"فرع للمالك إحداث الكوات (٣) والشبابيك" ولو لغير الاستضاءة; لأنه تصرف في ملكه والكوات جمع كوة بفتح الكاف أفصح من ضمها وهي الطاقة
(١) "قوله بل فيه شائبة بيع وإجارة إلخ"جوز الشافعي ذلك في حقوق الأملاك كحق المرور ومجرى الماء لمسيس الحاجة كما جوز العقد على المنافع، وإن كانت معدومة للضرورة إرفاقا بالناس، والتعبير بالشائبة صواب، وإن قال النووي في الدقائق: إنه تصحيف. (٢) "قوله: ولو قال فيها بلا ميم إلخ"هو كذلك في النسخ المعتمدة. (٣) "قوله فرع للمالك إحداث الكوات إلخ"قيده صاحب الشافي بما إذا كانت عالية لا يقع النظر فيها على دار جاره ورد بتصريح الشيخ أبي حامد بجواز فتح كوة في ملكه مشرفة على جاره، وعلى حريمه ولا يكون للجار منعه; لأنه إذا أراد رفع جميع الحائط لم يمنع منه فإذا رفع بعضه لم يمنع قال بعض المتأخرين: ويندفع الضرر عن الجار بأن يبني في ملكه جدارا يقابل الكوة ويسد ضوأها ورؤيتها، فإنه لا يمنع من ذلك وكتب أيضا، وله نصب شباك عليها بحيث لا يخرج منه شيء فإن خرج هو أو غطاؤه كان كالجناح قال السبكي: فليتنبه لهذا، فإن العادة أن يعمل في الطاقات أبواب تخرج فتمنع من هواء الدرب، وقوله قال السبكي إلخ أشار إلى تصحيحه.