للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"و" له "حفر سرداب أحكمه بين داريه تحت الطريق النافذ"لأنه لا يضر بالمارة "لا" تحت الطريق "المسدود"; لأنه تصرف في ملك غيره، أو في مشترك وهو ممنوع بغير إذن كما مر وبما تقرر علم أن الطريق يقال على النافذ وعلى غيره وبينه وبين الشارع عموم مطلق; لأن الطريق عام في الصحاري والبنيان والنافذ وغيره والشارع خاص بالبنيان وبالنافذ.

"فصل له منع جاره من وضع جذع"بالمعجمة أي خشبة، ومن بناء "على جداره" لخبر "لا ضرر ولا ضرار في الإسلام" (١) ولخبر الدارقطني والحاكم في صحيحه "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه" (٢) ولأنه انتفاع بملك الغير فأشبه البناء في أرضه والحمل على بهيمته، وأما خبر الصحيحين "لا يمنعن أحدكم جاره أن يضع خشبة في جداره" (٣) فأجيب عنه بأنه محمول على الندب (٤) وبأن الضمير في جداره لجاره لقربه (٥) أي لا يمنعه أن يضع خشبة في جدار نفسه، وإن تضرر به من جهة منع الضوء والهواء ورؤية الأماكن المستظرفة ونحوها وخشبة روي بالإفراد منونا، والأكثر بالجمع مضافا "ولو أعاره"له لذلك "فله الرجوع" (٦) قبل


(١) صحيح: رواه ابن ماجه، كتاب الأحكام، باب من بنى في حقه ما يضر بجاره، حديث "٢٣٤٠" عن عبادة بن الصامت مرفوعا، ورواه أيضأ برقم "٢٣٤١" عن ابن عباس مرفوعا.
(٢) الدارقطني في سننه "٣/ ٢٦" والبيهقي في الكبرى "٦/ ١٠٠"
(٣) البخاري، كتاب المظالم والغصب، باب لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره، حديث "٢٤٦٣" ومسلم، كتاب المساقاة، وباب غرز الخشب في جدار الجار، حديث "١٦٠٩".
(٤) "قوله فأجيب عنه بأنه محمول على الندب"لقوة العمومات المعارضة له ويؤيده إعراض من أعرض في زمن أبي هريرة.
(٥) "قوله وبأن الضمير في جداره لجاره القريب أي لا يمنعه إلخ"ويتأيد بأنه القياس الفقهي، والقاعدة النحوية فإنه أقرب من الأول فوجب عود الضمير إليه.
(٦) "قوله ولو أعاره فله الرجوع"يستفيد بها المستعير الوضع مرة واحدة حتى لو رفع جذوعه أو سقطت بنفسها أو سقط الجدار فبناه صاحبه بتلك الآلة لم يكن له الوضع ثانيا في الأصح; لأن الإذن إنما تناول مرة لو وضع أحد مالكي الجدار جذوعه عليه بإذن شريكه ثم انهدم ذلك البناء ففي فتاوى القفال تجوز له إعادة الجذوع من غير إذن شريكه قال الأذرعي: والمتبادر من إطلاق الشيخين وغيرهما أنه لا فرق بين الجدار المختص والمشترك في أنه لا تجوز له إعادة الجذوع إلا بإذن جديد على الأصح ويشبه أن يكون ما قاله القفال وجها ثانيا.