انهدم جناحه فسبقه جاره إلى بناء جناح" في محاذاته ولو بحيث لا تمكن معه إعادة الأول أو كان صاحبه على عزم إعادته "صار أحق"به كما لو قعد لاستراحة، أو نحوها في طريق واسع ثم انتقل عنه يجوز لغيره الارتفاق به، ويصير أحق به فإن قلت: قياس اعتبار الإعراض في القعود فيه للمعاملة بقاء حقه هنا إليه كما بحثه الرافعي قلت: المعاملة لا تدوم (١) بل الانتقال عنها ثم العود إليها ضروري فاعتبر الإعراض بخلاف ما هنا فاعتبر الانهدام نعم يستثنى من ذلك ما لو بنى دارا في موات وأخرج لها جناحا ثم بنى آخر دارا تحاذيه واستمر الشارع فإن حق الأول يستمر، وإن انهدم جناحه فليس لجاره أن يخرج جناحه إلا بإذنه لسبق حقه بالأحياء
"وله إخراج جناح تحت جناح صاحبه"إذ لا ضرر "أو فوقه إن لم يضر بالمار عليه"أي على جناح صاحبه "أو مقابله إن لم يبطل انتفاعه"أي انتفاع صاحبه "ومن سبق إلى أكثر الهواء" بأن أخذ أكثر هواء الطريق "لم يكن للآخر منعه" بأن يطالبه بتقصير جناحه ورده إلى نصف الطريق; لأنه مباح سبق إليه، وهذا تصريح بما علم مما مر.
"فرع الطريق ما جعل عند إحياء البلد أو قبله"طريقا "أو وقفه المالك"ولو بغير إحياء كذلك وصرح في الروضة نقلا عن الإمام بأنه لا حاجة في
(١) "قوله: قلت: المعاملة لا تدوم إلخ"فرق في المطلب بفرقين: الأول أن إشراع الجناح إنما يكون بطريق التبع لاستحقاق الطروق، وعند السقوط استحقاق الطروق ثابت لكل من المسلمين فكذلك من سبق كان أحق به ما لم يعرض الثاني أن مقاعد الأسواق اختصاص بالأرض التي من شأنها أن تملك بالإحياء قصدا فقوي الحق ولم يمكن تملكه لتعلق الحقوق به فكذلك ثبت استحقاقه ما دام مقيما عليه، والاختصاص بالهواء اختصاص بما لا يقبل الملك فضعف الحق فيه فلذلك زال بزواله أي فيرجع معناه إلى أن الروشن والجناح متعلق بالهواء لا مكان له، ولا تمكن، ومقاعد الأسواق لها تعلق بالأرض فلها مكان وتمكن فس وفرق غير صاحب المطلب بفرق آخر، وهو أن حق الجناح تابع للملك لا للمرور ولا للشارع، وإذا سبق واحد وأخرج جناحا لم يثبت له استحقاق مؤبد لئلا يؤدي إلى إبطال حق صاحبه المقابل له، وإذا لم يثبت له استحقاق مؤبد فإذا سقط جناحه كان لجاره أن يخرج جناحه; لأنه لا مانع له الآن وأما مقاعد الأسواق فالاستحقاق فيها ليس من مقتضيات الملك بل هو دائر على السبق فمن سبق لم يعارضه غيره في السبق بخلاف الدارين المتقابلين فإن الاستحقاق فيهما سابق على السبق إلى وضع الجناح والميزاب ا هـ.