"فإن عين للصلاة أو للصوم لا للصدقة وقتا تعين" وفاء بالملتزم فلا يجوز فعلهما قبله "فإن فات" الوقت، ولو بعذر "قضى" هما "وأثم" بتأخيره "إن قصر" بخلاف ما إذا لم يقصر كأن أخر بعذر سفر أما وقت الصدقة فلا يتعين اعتبارا بما ورد به الشرع من جنسها، وهو الزكاة فيجوز تقديمها بخلاف الصلاة والصوم، وقضية كلامه جواز تأخيرها قال الأذرعي، وهو بعيد بل الوجه عدم جوازه (١) بغير عذر كالزكاة.
"وإن نذر صوم يوم" معين "من كل أسبوع"(٢) عبارة الأصل من أسبوع "ونسيه جعله الجمعة" فيصوم يومها "لأنها آخره" أي الأسبوع فإن كان هو المعين فذاك (٣)، وإلا كان قضاء قال النووي في مجموعه ومما يدل على أن يوم الجمعة آخر الأسبوع ويوم السبت أوله خبر مسلم عن أبي هريرة قال أخذ رسول الله ﷺ بيدي فقال "خلق الله التربة يوم السبت وخلق فيها الجبال يوم الأحد وخلق فيها الشجر يوم الاثنين وخلق المكروه يوم الثلاثاء وخلق النور يوم الأربعاء وبث فيها الدواب يوم الخميس وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق في آخر ساعة من النهار فيما بين العصر والليل"(٤) وخالف
(١) "قوله بل الوجه عدم جوازه إلخ "أشار إلى تصحيحه. (٢) "قوله من كل أسبوع" بمعنى جمعة. (٣) "قوله فإن كان هو المعين فذاك" يؤخذ منه صحة نذر صوم يوم الجمعة منفردا، وهو كذلك; لأنه إنما يكره إفراده بصوم النفل لا الفرض قال الشافعي في الأم ومن نذر أن يصوم يوم الجمعة فوافق يوم فطر أفطر وقضاه انتهى، وهذا صريح في أنه لا يكره إفراده بصوم النذر وقال شيخنا ممن صرح بأن الكراهة خاصة بالنفل دون الفرض ابن قاضي شهبة في باب صوم التطوع وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى لا يقال ليس ما استدل به صريحا في الإفراد إذ هو بسبيل من أن يضم إليه السبت مثلا فينتفي الإفراد; لأنا نقول: الأصل عدم الضم ونظير أن الواجب يدفع ما كان مكروها الماء المشمس لو تعين للطهارة. (٤) يشير إلى الحديث الذي رواه مسلم كتاب صلاة الاستسقاء باب الدعاء في الاستسقاء حديث "٨٩٧" بإسناد عن أنس بن مالك أن رجلا دخل المسجد يوم الجمعة من باب كان نحو دار القضاء ورسول الله ﷺ قائم يخطب فاستقبل رسول الله ﷺ قائما ثم قال: يا رسوا الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يغثنا قال: فرفع رسول الله ﷺ يديه ثم قال: اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، الهم أغثنا" قال أنس: ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار، قال: فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت، قال: فلا والله ما راينا الشمي سبتا قال: ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله ﷺ قائم يخطب فاستقبله قائما فقال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يمسك عنا، قال: فرفع رسول الله ﷺ يديه ثم قال: اللهم حولنا ولا علينا اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر" فانقلعت وخرجنا نمشي في الشمس، قال شريك: فسألت أنس ابن مالك، أهو الرجل الأول؟ قال: لا أدري.