"فصل: مبيت ليالي منى" وهي ليالي أيام التشريق "واجب" للاتباع مع خبر "خذوا عني مناسككم" (١) ولأنه ﷺ رخص للعباس في ترك المبيت لأجل السقاية (٢) فدل على أنه لا يجوز لغيره ممن ليس في معناه تركه "معظم الليل" كما لو حلف لا يبيت بمكان لا يحنث بمبيته معظم الليل وإنما اكتفي بساعة في نصف الثاني بمزدلفة كما مر; لأن نص الشافعي وقع فيها بخصوصها إذ بقية المناسك يدخل وقتها بالنصف وهي كثيرة مشقة فسومح في التخفيف لأجلها "فيجب بتركه" أي مبيت ليالي منى "دم" لتركه المبيت الواجب كنظيره ترك مبيت مزدلفة "وفي" ترك مبيت "الليلة" الواحدة من ليالي منى "مد والليلتين مدان" من الطعام وفي ترك الثلاث مع ليلة مزدلفة دمان لاختلاف المبيتين زمانا ومكانا ويفارق ما يأتي في ترك الرميين بأن تركها يستلزم ترك مكانين وزمانين وترك الرميين لا يستلزم إلا ترك زمانين "فلو نفر مع ذلك" أي مع تركه مبيت ليلتين من أيام منى "في" اليوم "الثاني فدم" يلزمه "أو في" اليوم "الأول" وفي نسخة أو في الليل أي ليل الثالث "فدم" أيضا لتركه جنس المبيت بمنى فيهما، ولو قال في الثاني أو في الأول فدم (٣) لكان أوضح وأخصر.
"ويسقط المبيت" بمزدلفة ومنى "والدم عن الرعاء" بكسر الراء وبالمد "إن خرجوا" منها "قبل الغروب"; لأنه ﷺ رخص لرعاء الإبل أن يتركوا المبيت بمنى رواه الترمذي وقال حسن صحيح (٤) وقيس بمنى مزدلفة فإن لم يخرجوا قبل الغروب بأن كانوا بهما بعده ولزمهم مبيت تلك الليلة والرمي من الغد، والتقييد بالخروج قبل الغروب في مبيت مزدلفة من زيادته وصورته أن يأتيها قبل الغروب، ثم يخرج منها حينئذ على خلاف العادة "وعن أهل السقاية" بكسر
(١) سبق تخريجه. (٢) رواه البخاري كتاب الحج باب هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة حديث "١٧٤٥". (٣) "قوله، ولو قال في الثاني أو في الأول فدم إلخ" وفي بعض النسخ فلو نفر مع ذلك النفر الأول فدم. (٤) صحيح رواه الترمذي "٣/ ٢٨٩" كتاب الحج باب ما جاء فثي الرخصة للدعاء أن يرموا ويدعوا يوما حديث "٩٥٥".