أنه ﷺ أول شيء بدأ به حين قدم مكة أنه توضأ، ثم طاف بالبيت (١) والمعنى فيه أن الطواف تحية البيت فبدأ به "هذا إن لم تقم جماعة الفريضة، ولم يضق وقت سنة مؤكدة" أو راتبة أو فريضة فإن كان شيء من ذلك قدمه على الطواف أيضا، ولو كان في أثنائه; لأن ذلك يفوت والطواف لا يفوت، ولو كان عليه فائتة قدمها على الطواف أيضا، ولو دخل، وقد منع الناس من الطواف صلى تحية المسجد جزم به في المجموع وإنما قدم الطواف عليها فيما مر; لأن القصد من إتيان المسجد البيت وتحيته الطواف ولأنها تحصل بركعتيه غالبا (٢) وذكر ابتداء طواف العمرة من زيادة المصنف.
"فرع" قال في المجموع قد ذكرنا أنه يؤمر بطواف القدوم أول قدومه فلو أخره ففي فواته وجهان حكاهما الإمام; لأنه يشبه تحية المسجد انتهى. وقضيته أنه لا يفوت (٣) بالتأخير، ومعلوم أنه لا يفوت بالجلوس كما تفوت به تحية المسجد نعم يفوت بالوقوف بعرفة ويحتمل فواته بالخروج من مكة "ولا طواف للقدوم" على الحاج "بعد الوقوف"، ولا على المعتمر (٤) ; لأن الطواف المفروض عليهما (٥) قد دخل وقته وخوطبا به فلا يصح قبل أدائه أن يتطوعا بطواف قياسا على أصل الحج والعمرة، وبهذا فارق ما نحن فيه الصلاة حيث أمر
(١) روا البخاري كتاب الحج باب الطواف على وضوء حديث "١٦٤٢" ومسلم كتاب الحج باب ما يلزم من طاف بالبيت على حديث "١٢٣٥". (٢) "قوله: ولأنها تحصل بركعتيه غالبا" قال القاضي أبو الطيب إذا صلى ركعتي الطواف أجزأته عن تحية المسجد قال في العباب، ولا يبدأ بتحية المسجد إذ تحصل بركعتي الطواف فإن لم يمكنه الطواف لنحو زحام صلى التحية وهي مندوبة لمقيم دخل المسجد انتهى كلامه في المقيم جرى على الغالب في أنه يكثر دخوله المسجد، ولا يطوف. (٣) "قوله وقضيته أنه لا يفوت" أشار إلى تصحيحه قال شيخنا يكفي التشبيه في أصل عدم فوات التحية بمطلق التأخير إذ لا يلزم إعطاء المشبه حكم المشبه به من سائر أوجهه. (٤) "قوله، ولا طواف للقدوم بعد الوقوف، ولا على المعتمر" نعم يحصل لهما ثوابه بطواف الفرض; لأنه إذا أثيب مصلي الفريضة على التحية مع إمكان فعلها لما فيه من شغل البقعة بالعبادة فبالأولى هذا قاله الإسنوي وغيره. (٥) "قوله; لأن الطواف المفروض عليهما إلخ" يؤخذ من هذا التعليل أن الحاج لو دخل مكة بعد الوقوف وقبل دخول وقت طواف الفرض أنه يستحب له طواف القدوم وقال بعضهم إنه الظاهر.