نسي من نسكه شيئا أو تركه فليهرق دما" (١) رواه مالك وغيره بإسناده صحيح وشرط لزومه أن يحرم بعد المجاوزة كما علم من كلامه وأن يحرم في تلك السنة بخلاف ما إذا لم يحرم أصلا; لأن لزومه إنما هو لنقصان النسك لا بدل منه وبخلاف ما إذا أحرم في سنة أخرى (٢) ; لأن إحرام هذه السنة لا يصلح لإحرام غيرها، وقضية كلامه كأصله أن الكافر إذا جاوز الميقات مريدا للنسك، ثم أسلم وأحرم دونه يكن كالمسلم فيما ذكر، وهو كذلك كما سيأتي بيانه في باب حج الصبي "ويسقط" عنه الدم "متى عاد" (٣) ; لأنه قطع المسافة من الميقات محرما وأدى المناسك كلها بعده فكان كما لو أحرم منه سواء أكان دخل مكة أم لا "لا" إن عاد "بعد التلبس بنسك ولو طواف القدوم" فلا يسقط عنه الدم لتأدي النسك بإحرام ناقص.
"والإحرام من الميقات أفضل منه من دويرة أهله" (٤) خلافا للرافعي في تصحيحه عكسه لأنه ﷺ أحرم بحجته وبعمرة الحديبية من ذي الحليفة روى الأول الشيخان (٥) والثاني
(١) أخرجهى مالك في موطئه كتلب الحج باب التقصير حديث "٩٠٥". (٢) "قوله وبخلاف ما إذا أحرم في سنة أخرى إلخ" فإن كان النسك الذي أحرم به عمرة لزمه الدم سواء اعتمر في سنة المجاوزة أم في السنة الثانية; لأنه وقت للإحرام بالعمرة. (٣) "قوله ويسقط متى عاد" ظاهر كلامه كأصله أن الدم وجب ثم سقط بالعود، وهو وجه في الحاوي وصحح أعني الماوردي أنه لا يجب إلا بفوات العود كما لو جاوز، ولم يحرم فإن الدم إنما يجب بفوات العود وفرق بعضهم بينهما بأن الإساءة هنا تأكدت بالإحرام، ولهذا لا ينفعه العود على وجه وقيل إنه يراعى إن لم يعد تبين وجوبه عليه، وإلا تبين عدمه وإذا سقط بالدم عن المجاوز بالعود بان أن المجاوزة لم تكن حراما جزم بذلك المحلي والروياني وحكاه في المجموع عن صاحب البيان وأقره قال المحاملي شرط انتفاء التحريم أن تكون المجاوزة بنية العود وقال في المهمات، ولا بد منه قال الأذرعي ما صححه صاحب البيان وغيره بعيد وكيف يقال إن المذهب أن له المجاوزة ثم يعود وقد نقل النووي الإجماع على تحريم المجاوزة فالصحيح أو الصواب أنه مسيء ويمكن أن يحمل ما ذكروه على أن حكم الإساءة ارتفع برجوعه وتوبته وحينئذ لا يكون خلاف. (٤) "قوله والإحرام من الميقات أفضل من دويرة أهله" لكن لو نذره منها لزمه فإن لم يفعل فكمجاوزة الميقات. (٥) رواه البخاري كتاب الحج باب قول الله تعالى ﴿يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ﴾ حديث "١٥١٤" ومسلم كتاب الحج باب الإهلال من حيث ت نبعثالراحلة حديث "١١٨٧". كلاهما عن ابن عمرؤ رضي الله عبهما قال: رأيت رسول الله ﷺ يركب راحلته بذي الحليفة ثم يهل حتى تستوى به قائمته. وهذا لفظ البخاري.