للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا الثالث مقام الثاني ودليل تفاوتها في الفضيلة ما رواه البيهقي (١) وصححه ابن حبان وغيره أنه قال "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف (٢) صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي هذا" (٣) مع ما رواه البزار وحسنه أنه قال "صلاة في المسجد الأقصى أفضل من خمسمائة صلاة فيما سواه" أي غير المسجد الحرام ومسجد المدينة بقرينة ما قبله ويؤخذ من الخبرين أن مسجد المدينة أفضل من المسجد الأقصى بخمسمائة صلاة فيستثنى المسجد الأقصى من الخبر الأول مع المسجد الحرام والمسجد الحرام في الخبر المذكور. وقال النووي في مناسكه عن الماوردي هو الحرم كله ونقله العمراني عن شيخه الشريف العثماني ثم اختار أنه الكعبة وما في الحجر من البيت وجزم النووي في مجموعه (٤) بأنه الكعبة والمسجد حولها فلو نذر الاعتكاف في الكعبة أو البيت الحرام فحاصل كلام العمراني تعين البيت وما أضيف منه إلى الحجر واختاره الإسنوي لكن سيأتي في النذر أنه لو نذر صلاة في الكعبة كفي إتيانه بها في المسجد حولها وقياسه أن الاعتكاف كذلك وهو الأوجه (٥) الذي اقتضاه كلام الجمهور من أن أجزاء المسجد متساوية في أداء المنذور وأنه لا يتعين جزء منه بالتعيين وإن كان أفضل من بقية الأجزاء وما قاله العمراني بناء على ما اختاره آنفا والمعتمد خلافه وعلى ما مر عن البغوي لو خص نذره بواحد من المساجد التي ألحقها بمسجد المدينة فالأوجه قيام غيره منها مقامه لتساويهما في فضيلة


(١) "قوله ما رواه البيهقي" أي وأحمد وابن ماجه.
(٢) "قوله أفضل من ألف صلاة إلخ" هذا التضعيف يرجع إلى الثواب ولا يتعدى إلى الإجزاء بالاتفاق كما نقله النووي وغيره وعليه يحمل قول أبي بكر النقاش في تفسيره حسبت الصلاة بالمسجد الحرام فبلغت صلاة واحدة بالمسجد الحرام عمر خمس وخمسين سنة وستة أشهر وعشرين ليلة وهذا مع قطع النظر عن التضعيف بالجماعة فإنها تزيد سبعا وعشرين درجة قال البدر بن الصاحب الأثاري إن كل صلاة بالمسجد الحرام فرادى بمائة ألف وكل صلاة فيه جماعة بألفي ألف صلاة وسبعمائة ألف صلاة والصلوات الخمس فيه بثلاثة عشر ألف ألف وخمسمائة صلاة.
(٣) صحيح رواه ابن ماجة "١/ ٤٥١" حديث ١٤٠٦"، والبيهقي في الكبرى "٥/ ٢٤٦".
(٤) "قوله وجزم النووي في مجموعه إلخ" هو الظاهر كما قاله الأذرعي.
(٥) "قوله وهو الأوجه" أشار إلى تصحيحه.