"أو" تصدق بما يحتاجه لنفسه "ولم يصبر" على الإضافة "كره" التصريح بالكراهة مع التقييد بعدم الصبر من زيادته والأوجه حمل الكراهة (١) على كراهة التحريم وهو مراد الروضة لأن ما صححه فيها من عدم التحريم محمول على من صبر كما أفاده كلامه في المجموع وحيث حرمنا عليه التصدق فتصدق بشيء فهل يملكه المتصدق عليه قال ابن الرفعة ينبغي تخرجه على الخلاف في هبة الماء في الوقت "ولا يأنف من التصدق بالقليل" فإن قليل الخير كثير عند الله تعالى وما قبله الله وبارك فيه فليس بقليل ولقوله تعالى ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٧] ولخبر "اتقوا النار ولو بشق تمرة" ولخبر "يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة"(٢) رواهما الشيخان.
"وتستحب الصدقة بالماء" لخبر أبي داود السابق أول الباب وروى أبو داود خبر "أي الصدقة أفضل قال الماء""وإن بعث بشيء" مع غيره "إلى فقير" لم يزل ملكه عنه حتى يقبضه الفقير فإن ذهب إليه المبعوث "ولم يجده استحب" للباعث "أن لا يعود فيه بل يتصدق به" على غيره لأنه في معنى العائد في
(١) "قوله: التصريح بالكراهة مع التقييد بعدم الصبر من زيادته" قال الأذرعي: الأجود ما في الروضة؛ لأنه يرى أن المضطر يؤثر على نفسه مضطرا آخر فكيف تحرم عليه الصدقة بما يحتاج إليه بلا ضرورة، وقوله: الأجود ما في الروضة، أشار إلى تصحيحه، قوله: قال ابن الرفعة: ينبغي تخريجه وعلى الخلاف في هبة الماء في الوقت" قال الأذرعي: وقد يفرق بأنه قد تعلق به حق آدمي وهو المنفق عليه من قريب وزوجة، وتوجكه عليه صرفه فيه في الحال بخلاف الماء عند اتساع الوقت، أو عند ضيقه، لأن له بدلا وهو التراب. ا هـ. فرقه من جهة جريان الوجه الضعيف بالصحة، قال شيخنا: المعتمد أنه يملكه المتصدق عليه بخلاف مسألة هبة الماء ونحوه؛ لأن الحرمة في الماء ذاتية، والقاعدة أنه متى رجع النهي لذات الشيء أو لازمه اقتضى الفساد، والحرمة في مسألة الصدقة عرضية فلم ترجع لذاتها، ولا لازمها فصح التصرف، وإن أثم من حيثية أخرى، ويؤيد ذلك ما أفتى به الوالد في الفلس أن المديون الذي يحجر عليه إذا أعتق أرقاءه فرارا من غرمائه بنفوذ عتقهم، وإن وقع في فتاويه هنا أن المتصدق عليه لا يملك نعم محل الملك ما إذا لم يعطه على صفة، وهو متصف بخلافها ولو علم بحاله لم يعطه فإن كان كذلك لم يملك المدفوع. (٢) البخاري كتاب الأدب، باب لا تحقرن جارة لجارتها حديث "٦٠١٧"، ومسلم كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة ولو بقليل ولا تمتنع من القليل لاحتقاره حديث "١٠٣٠".