للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسكين من يملك شيئا وبما روي من قوله "اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا" (١) مع أنه كان يتعوذ من الفقر والعبرة عند الجمهور في عدم كفايته بالعمر الغالب بناء على أنه يعطى كفاية ذلك (٢) وقد بسطت ذلك في شرح البهجة وما جزم به البغوي وصححه ابن الصلاح في فتاويه والنووي في فتاويه الغير المشهورة واستنبطه الإسنوي من كلامهم من أن العبرة في عدم كفايته بالسنة إنما يأتي على قول من قال كالبغوي والغزالي أنه إنما يعطى كفاية سنة ومنه اعتبارها فيما يأتي في الإثاث والكتب إذ لم ينقله النووي إلا عن الغزالي تفقها "ولا يخرجه عن المسكنة القدرة على كسب لا يليق" به ككونه من أرباب البيوت الذين لم تجر عادتهم بالكسب "و" لا "ملك أثاث يحتاجه في سنته" وفي نسخة سنة "و" لا ملك "ثياب شتاء" يحتاجها "في صيف" ولا عكسه كما صرح به الأصل "ولا" ملك "كتب وهو فقيه يحتاجها للتكسب" كالمؤدب والمدرس بأجرة أو للقيام بفرض لأن كلا منهما حاجة مهمة وإن كان احتياجه لها "في السنة مرة" بخلاف ما لا يحتاجه في السنة على ما مر "فتبقى" له "النسخة الصحيحة من" النسخ "المتكررة" عنده فلا يبقيان معا لاغتنائه بالصحيحة وإن كانت إحداهما أصح والأخرى أحسن يبقى الأصح كما صرح به في الروضة.

"فإن كان" له كتابان من علم واحد وكان "أحدهما أبسط" أي مبسوطا والآخر وجيزا "باع الوجيز" وبقي المبسوط إن كان غير مدرس بأن كان قصده


(١) صحيح: الترمذي في كتاب الزهد، باب ما جاء أن فقراء المهاجرين يدخلون الجنة حديث "٢٣٥٢" وابن ماجه كتاب الزهد، باب مجالسة الفقراء، حديث "٤١٢٦".
(٢) "قوله بناء على أنه يعطى كفاية ذلك" فقد قال ابن الصباغ والمحاملي وغيرهما في باب كفارة اليمين كل من لا يملك كفايته وكفاية من تلزمه كفايته على الدوام تحل له الصدقة والكفارة باسم الفقر وقال الفوراني وغيره هنا كل من الفقير والمسكين يستحق الصدقة بالحاجة وشرطه عندنا أن لا يفي دخله بخرجه على الدوام وقال الجرجاني إنما يخرج عن حد الفقر بوجود الكفاية فكل من وجد كفايته وكفاية من تلزمه مؤنته على الدوام إما ببضاعة يتجر فيها أو عقار يستغله أو صنعة يكتسب بها كفايته فهو غني لا يحل له أخذ الصدقة بالفقر لوجود الكفاية وإن قصر ربح بضاعته أو دخل عقاره أو كسب صنعته عن قدر كفايته حلت له الصدقة بالفقر فيدفع إليه من الزكاة ما يشتري من العقار ما يحصل له منه الكفاية أو يضاف إلى بضاعته ما يثمر به ربحه لكفايته.