يكن للساعي قبوله منه إلا بشاهدين من أهل الخبرة بذلك فلو جهله مع علمه ببلوغ الخالص نصابا تخير بين السبك وأداء الواجب خالصا وبين أن يحتاط ويؤدي ما يتيقن أن فيه الواجب خالصا فإن سبك فمؤنة السبك عليه كمؤنة الحصاد.
"فرع يكره للإمام ضرب المغشوشة" لخبر الصحيحين "من غشنا فليس منا"(١) ولئلا يغش بها بعض الناس بعضا "فإن علم معيارها صحت المعاملة بها" معينة في الذمة "وكذا" تصح كذلك "لو لم يعلم" عيارها كبيع الغالية والمعجونات ولأن المقصود رواجها (٢) وهي رائجة قال الزركشي وضابط ذلك أنه إن كان الخليط غير مقصود وقدر المقصود مجهول كمسك مخلوط بغيره ولبن مشوب بماء بطلت المعاملة به وإن كان مقصودا كدراهم مغشوشة ومعجونات صحت انتهى وظاهر أن الغش في المغشوشة غير مقصود فالصحة فيها مستثناة لحاجة المعاملة وسيأتي الكلام على ذلك في البيع أيضا "ويكره لغيره" أي الإمام "ضرب الدراهم" والدنانير ولو خالصة لأنه من شأن الإمام ولأن فيه افتياتا عليه ومن ملك دراهم مغشوشة كره له إمساكها بل يسبكها ويصفيها قال القاضي أبو الطيب إلا إذا كانت دراهم البلد مغشوشة فلا يكره إمساكها ذكره في المجموع.
"فرع" لو كان "له إناء وزنه ألف ذهبا وفضة أحدهما ستمائة" والآخر أربعمائة "وأشكل" الأكثر (٣) منهما "زكى كلا" منهما بفرضه "الأكثر" إن احتاط "ولا يجوز فرض كله ذهبا" لأن أحد الجنسين لا يجزئ وإن كان أعلى منه كما مر "أو ميز" بينهما "بالنار" قال في البسيط ويحصل ذلك بسبك قدر يسير إذ تساوت أجزاؤه "أو امتحن بالماء فيضع فيه ألفا ذهبا ويعلم ارتفاعه" ثم يخرجها "ثم" يضع فيه "ألفا فضة ويعلمه" وهذه العلامة فوق الأولى لأن الفضة أكبر حجما من الذهب ثم يخرجها "ثم" يضع فيه "المخلوط فإلى أيهما كان" ارتفاعه "أقرب فالأكثر منه" ولا شك أنه يكتفي بوضع المخلوط أولا ووسطا أيضا
(١) رواه مسلم في كتاب الإيمان، باب قول النبي ﷺ "من غشنا فليس منا" حديث "١٠١". (٢) "قوله ولأن المقصود رواجها" وهي رائجة ويحمل العقد عليها إن غلبت. (٣) "قوله زكى كلا منهما بفرضه الأكثر" لا يأتي فيما إذا كان المال لمحجور عليه.