كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا" (١) وفي رواية سلمان "ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه" (٢) وظاهره تقديم الأقرإ على الأفقه كما هو وجه وأجاب عنه الشافعي بأن الصدر الأول كانوا يتفقهون مع القراءة فلا يوجد قارئ إلا، وهو فقيه (٣) قال النووي، لكن في قوله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة دليل على تقديم الأقرإ مطلقا انتهى، وقد يجاب بأنه قد علم أن المراد بالأقرإ في الخبر الأفقه في القرآن فإذا استووا في القرآن فقد استووا في فقهه فإذا زاد أحدهم بفقه السنة فهو أحق فلا دلالة في الخبر على تقديم الأقرإ مطلقا بل على تقديم الأقرإ الأفقه في القرآن على من دونه ولا نزاع فيه "ثم الأورع"، وهو "متقي" أي مجتنب "الشبهات" خوفا من الله تعالى، وهو "بعدهما" أي بعد الأفقه، والأقرإ ولا حاجة به لهذا بعد تعبيره بثم، وقوله: وهو متقي الشبهات أخذه من تفسير التحقيق، والمجموع الورع بأنه اجتناب الشبهات خوفا من الله تعالى وفسره الأصل بأنه زيادة على العدالة من حسن السيرة، والعفة "ثم" بعد الأورع "يقدم الأسن" (٤) على الأنسب للخبر السابق ولخبر الصحيحين عن مالك بن الحويرث "ليؤمكم أكبركم" (٥) ; ولأن فضيلة الأسن في ذاته، والأنسب في آبائه، وفضيلة الذات
(١) رواه مسلم، كتاب المساجد، باب من أحق بالإمامة، حديث "٦٧٣". (٢) حديث صحيح سبق تخريجه. (٣) "قوله: فلا يوجد قارئ إلا وهو فقيه" وكان يوجد الفقيه وليس بقارئ فإنه قيل لم يحفظ القرآن من الصحابة إلا أبو بكر وعثمان وعلي وأبي وابن مسعود وزيد بن ثابت قيل وابن عباس ﵃ وقال ابن مسعود ما كنا نجاوز عشر آيات حتى نعرف أمرها ونهيها وأحكامها وقول الشافعي إن أقرأهم كان أعلم أشار الإمام أن مراده أنه الأغلب، فإن عمر لم يحفظه وهو يفضل على عثمان وعلي مع حفظهما قال ابن الرفعة ويحتمل أنه عام إذا قلنا المراد الأصح قراءة فيحتمل أن عمر أصح قراءة. (٤) "قوله: ثم يقدم الأسن" فيقدم البالغ على الصبي وإن كان أقرأ منه; لأنه أكمل وأكثر احترازا; لأنه يخاف العقاب (٥) رواه البخاري، كتاب الأدب، باب رحمة الناس والبهائم، حديث "٦٠٠٨". ومسلم، كتاب المساجد، حديث "٦٧٤".