اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا" (١) هذا "إن اعتاد القيام" أي التهجد، وهو الصلاة بعد الهجود أي النوم قاله الرافعي "وإلا فبعيد سنة العشاء" يجعله وقيده في المجموع بما إذا لم يثق بتيقظه آخر الليل وإلا فتأخيره أفضل لخبر مسلم من خاف أن لا يقوم آخر الليل فليوتر أوله ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل فإن صلاته آخر الليل مشهودة (٢)، وذلك أفضل وعليه يحمل خبره أيضا بادروا الصبح بالوتر (٣) وأما خبر أبي هريرة "أوصاني خليلي ﷺ بثلاث صيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى وأن أوتر قبل أن أنام" (٤) فمحمول على من لم يثق بتيقظه آخر الليل جمعا بين الأخبار "ولو أوتر ثم قام" أي تهجد "لم يعده" لخبر "لا وتران في ليلة" رواه أبو داود، والترمذي وحسنه (٥) "والوتر نفسه تهجد" إن فعله بعد النوم (٦)، فإن فعله قبله كان وترا لا تهجدا وعليه يحمل ما سيأتي في النكاح من تغايرهما.
"ولا تستحب فيه الجماعة" كرواتب الفرائض "إلا تبعا للتراويح" أي لاستحبابها فيها فتستحب فيه حينئذ، وإن صليت التراويح فرادى، أو لم تصل، فإن أراد تهجدا بعدها أخر الوتر كما مر، فإن أراد الصلاة معهم صلى نافلة مطلقة وأوتر آخر الليل ذكره في المجموع "ولو قنت فيه في غير النصف الأخير من رمضان، أو تركه فيه" أي في النصف المذكور "كره وسجد للسهو" كقنوت الصبح ولعل محله في الأولى (٧) إذا لم يطل به الاعتدال، أو كان سهوا
(١) البخاري، كتاب الجمعة، باب ليجعل آخر صلاته وترا حديث ٩٩٨. (٢) مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب من خاف ألا يقوم من آخر فليوتر، حديث ٧٥٥ بلفظ .. فإن صلاة آخر الليل مشهودة … (٣) رواه مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة الليل مثنى مثنى، حديث ٧٥٠. (٤) رواه البخاري، كتاب الصوم، باب صيام أيام البيض .. ، حديث ١٩٨١، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، حديث ٧٢١. (٥) "قوله:، والترمذي وحسنه" وصححه ابن حبان. (٦) "قوله: إن فعله بعد نوم" قال الشارح في شرح البهجة وظاهر أنه يعتبر وقوعه بعد وقت العشاء. ا هـ. يعني بعد فعل العشاء. (٧) "قوله: ولعل محله في الأولى إلخ" أشار إلى تصحيحه.