"الأول: أن يسترعيه" الأصل أي يلتمس منه رعاية الشهادة وحفظها لأن الشهادة على الشهادة نيابة فاعتبر فيها الإذن أو ما يقوم مقامه كما يعلم مما يأتي "فيقول أنا شاهد بكذا وأشهدك" أو أشهدتك على شهادتي به "أو اشهد على شهادتي" بكذا "أو إذا استشهدت على شهادتي" بكذا "فقد أذنت لك أن تشهد" به "فله ولمن سمعه أن يشهد" على شهادته (١) قال في الأصل ولا يشترط أن يقول في الاسترعاء أشهدك على شهادتي وعن شهادتي لكنه أتم فقوله أشهدك على شهادتي تحميل وقوله عن شهادتي إذن في الأداء كأنه قال أدها عني ولإذنه أثر ولهذا لو قال بعد التحميل لا تؤد عني امتنع عليه الأداء وهو ما ذكره المصنف بقوله "إلا إن نهاه عن الأداء ولو سمعه يقول اشهد بكذا شهادة مجزومة مثبوتة" أي مقطوعا بها "لم يكف" في التحمل فلا يكفي فيه بالأولى ما لو سمعه يقول لفلان على فلان كذا أو أشهد أن لفلان على فلان كذا لا على صورة الأداء فقد يريد عدة كان قد وعدها أو يشير بكلمة على إلى أن عليه من باب مكارم الأخلاق الوفاء بذلك وينزلها منزلة الديون وقد يتساهل بإطلاقه لغرض صحيح أو فاسد فإذا آل الأمر إلى الشهادة أحجم وبذلك صرح الأصل
"ويتعين" في التحمل "لفظ الشهادة" من الأصل كما مر مثاله "لا" قوله "أعلمك وأخبرك" بكذا "ونحوهما" فلا يكفي كما لا يكفي في أداء الشهادة "عند القاضي (٢) "
(١) "قوله ولمن سمعه أن يشهد على شهادته" قال البلقيني فظهر بذلك أنه إذا سمع قضاء القاضي بعلمه فإنه يجوز أن يتحمل الشهادة على قضاء القاضي وإن لم يسترعه وكذا المحكم إذا جوزنا حكمه ومقتضى كلامه أنه لا بد مع الإذن بالشهادة على شهادته من أن يخبر بأن عنده شهادة بكذا وليس كذلك. (٢) "قوله كما لا يكفي في أداء الشهادة عند القاضي" إنما تعين في أداء الشهادة لفظ اشهد دون غيره من الألفاظ الدالة على تحقيق الشيء لموافقته الكتاب والسنة فكان كالإجماع على تعينه ولأن الشهادة اسم من المشاهدة وهي الاطلاع على الشيء عيانا وإنما تعين المضارع لأنه موضوع للإخبار في الحال ولأنه قد استعمل في القسم نحو أشهد بالله لقد كان كذا أي أقسم فتضمن لفظ أشهد معنى المشاهدة والقسم والإخبار في الحال فكأن الشاهد قال أقسم بالله وأنا الآن أخبر به وهذه المعاني مفقودة في غيره من الألفاظ