تغليبا للإشارة "أو لا يأكل حنطة (١) أو هذه الحنطة أو من هذه الحنطة فأكلها حبا ومقلية ومطبوخة" مع بقاء حبها (٢) ومبلولة "لا مطحونة" ومعجونة ومخبوزة "حنث إن أكلها" لصدق الاسم "لا" إن أكل "بعضها" فلا يحنث به "إلا في الثالثة"، وهي لا آكل من هذه الحنطة فيحنث، وإنما لم يحنث بأكلها مطحونة أو معجونة أو مخبوزة أو مطبوخة مع عدم بقاء حبها لزوال اسم الحنطة وظاهر أن أكل الكل أو البعض في الأولى غير مراد (٣) لعدم تأتيه فيها لتنكيره الحنطة "والدقيق غير العجين والخبز غيرهما" فلو قال لا آكل هذا الدقيق فأكل عجينه أو خبزه أو هذا العجين فأكل خبزه أو هذا الخبز فدقه بعد يبسه وأكل دقيقه لم يحنث وذكر الأخيرة من زيادته وبها صرح ابن الرفعة تفقها
"وإن حلف لا يلبس هذا الغزل فلبسه ثوبا أو لا يأكل لحم هذا الخروف (٤) فذبحه وأكله حنث"; لأن الغزل هكذا يلبس ولحم الخروف
= مصرح في هذه الصورة وأشباهها بأنه إنما يحنث بأكل الجميع وقالوا لو قال لا آكل هذا الرغيف فبقي منه ما يمكن التقاطه وأكله لم يحنث فأفهم أنه إذا بقي مالا يمكن التقاطه وأكله أنه يحنث ولا شك أن الحنطة إذا طحنت يبقى في ثقوب حجر الرحى منها بقية دقيق ويطير إلى الجدران منه شيء وإذا عجنت يبقى في المعجن غالبا منها بقية وإذا أكل الخبز قد يبقى منه فتات يسير، وهذا كله يوجب توقفا في الحنث بأكل خبزها عند من ينظر إلى حقيقة اللفظ ويطرح العرف ولا سيما إذا كان دقيقها قد نخل ثم عجن وخبز وظاهر إطلاقهم أنه لا فرق في الحنطة المشار إليها بين أن تكون قليلة يمكنه أكلها ولو في زمن طويل أو لا يمكن لكثرتها وفيه للنظر مجال ومما يرشح النظر إلى اعتبار اللفظ والوقوف معه ما ذكره أبو بكر بن العربي المالكي في فوائد رحلته قال كنت كثيرا في مجلس الشاشي يعني صاحب الحلية فيأتي إليه الرجل يقول حلفت بالطلاق أن لا ألبس هذا الثوب وقد احتجت إلى لبسه فيقول سل منه خيطا مقدار شبر أو أصبع ثم يقول البس لا شيء عليك قال ابن العربي خطر لي وقد أبى القلب هذا قوله تعالى ﴿وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ﴾ أنه دليل على اعتبار اللفظ لا المعنى المفهوم من العرف ا هـ ولا أحسب ما نقله عن فتوى الشاشي محل وفاق للأصحاب ق و، وقوله ثم يقول البس ولا شيء عليك أشار إلى تصحيحه (١) "قوله أو لا يأكل حنطة إلخ" هذا عند الإطلاق فإن نوى شيئا اعتبرت نيته (٢) "قوله ومطبوخة مع بقاء حبها" بخلاف ما إذا طبخت بحيث زال اسم الحنطة عنها (٣) "قوله وظاهر أن أكل الكل أو البعض في الأولى غير مراد" أشار إلى تصحيحه (٤) "قوله أو لا آكل لحم هذا الخروف" قال الإمام: ولو أشار إلى سخلة وقال لا آكل لحم هذه البقرة حنث بأكلها قطعا تغليبا للإشارة وفي كلام الأصحاب دلالة عليه;. . . . . . . . . . . =