الهدنة "على أربعة أشهر (١) إن كان بالمسلمين قوة"; لأنه تعالى أمر بقتل المشركين مطلقا وأذن في الهدنة أربعة أشهر بقوله ﴿فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ﴾ [التوبة: ٢] قال الشافعي وكان ذلك في أقوى ما كان ﵊ عند منصرفه من تبوك وروي أيضا أنه ﷺ هادن صفوان بن أمية يوم الفتح أربعة أشهر فأسلم قبل مضيها "وعلى عشر سنين إن كان" بالمسلمين "ضعف"(٢) ; لأنه ﷺ هادن قريشا في الحديبية على وضع الحرب عشر سنين رواه أبو داود ولو احتيج إلى زيادة على العشر عقد على عشر ثم عشر قبل أن تنقضي الأولى جزم به الفوراني وغيره. ولا يجوز في عقد واحد (٣) كما شمله قوله "ومتى زاد" العاقد "على الجائز" من أربعة أشهر عند قوتنا أو عشر سنين عند ضعفنا "بطل الزائد" أي العقد فيه "فقط" أي دونه في المزيد عليه تفريقا للصفقة قال الماوردي: هذا بالنسبة إلى أنفسهم أما أموالهم فيجوز العقد لها مؤبدا (٤) واستثنى البلقيني (٥) المهادنة مع النساء فإنها تجوز من غير تقييد بمدة من المدتين السابقتين.
"فإن انقضت" أي العشر "والضعف" بنا "مستمر استؤنف عقد" جديد "وتتم المدة إن استقوينا" فيها عملا بما وقع عليه العقد "فلو هادن مطلقا" عن ذكر المدة "بطل العقد"(٦) ولا يحمل على المدة المشروعة; لأن الإطلاق يقتضي التأبيد، وهو لا يجوز لمنافاته مقصوده من المصلحة "أو قال" هادنتكم "ما شاء فلان" مثير "العدل منا ذي رأي صح" العقد فإذا نقضها انتقضت، وليس له أن
(١) "قوله ويشترط أن لا تزيد على أربعة أشهر" قال الناشري: هل المراد بالأربعة أشهر أن تكون صحاحا أم لا لم أر فيه شيئا. (٢) "قوله ولا على عشر سنين إن كان ضعف" في معنى الضعف شدة المشقة وكتب أيضا فعند الضعف تجوز الزيادة على أربعة أشهر إلى عشر سنين بحسب الحاجة كما في المحرر وغيره فلو اندفعت الحاجة بدون العشر لم تجز الزيادة عليه. (٣) "قوله ولا يجوز في عقد واحد"; لأن الأصل منع الصلح بدليل آية القتال وقد ورد التحديد بالعشر فتبقى الزيادة على الأصل. (٤) "قوله أما أموالهم فيجوز العقد لها مؤبدا" أشار إلى تصحيحه وكتب أيضا هل يجوز ذلك في الذرية فيه وجهان في الحاوي ولعل المراد ما داموا صغارا وإلا فلا وجه له. (٥) "قوله واستثنى البلقيني" أي وغيره المهادنة مع النساء إلخ، وهو ظاهر. (٦) "قوله فلو هادن مطلقا عن ذكر المدة بطل العقد" قال الناشري: وهل تشترط الذكورة والحرية ينظر في ذلك ا هـ كلامهم كالصريح في اشتراط كل منهما.