"ولو طلبوها لم تلزمنا إجابتهم فيجتهد الإمام" وجوبا "في الأصلح"(١) من الإجابة والترك "وأن يخلوا" عقد الهدنة "عن كل شرط فاسد" كسائر العقود وذلك "كالعقد على أن يترك لهم" العاقد "مسلما" أسيرا "أو ماله (٢) أو يرد" إليهم "من جاءت" إلينا منهم "مسلمة" ولو أمة أو كان لها عشيرة "أو على أن يعطوا جزية أقل من دينار أو" أن "يعطيهم مالا" ولم تدع ضرورة إليه أو على أن يقيموا بالحجاز أو يدخلوا الحرم أو يظهروا الخمور في دارنا قال تعالى ﴿فَلا تَهِنُوا﴾ [آل عمران: ٣٥] الآية وفي ذلك إهانة ينبو عنها الإسلام وروى أبو داود في قصة الحديبية أنه جاءت نسوة مؤمنات مهاجرات فنزل قوله تعالى ﴿إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ﴾ [الممتحنة: ١٠] إلى قوله ﴿فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ﴾ [الممتحنة: ١٠] فامتنع ﷺ من ردهن; ولأنه لا يؤمن أن يفتن المسلمة زوجها الكافر أو تزوج كافرا وسواء أجاءت مسلمة أو أسلمت بعد ما جاءت وخرج بالمسلم وماله الكافر وماله فيجوز شرط تركهما وبالمسلمة الكافرة والمسلم فيجوز شرط ردهما - كما سيأتي بيانه.
"فلو دعت ضرورة" إلى إعطائهم مالا كأن خفنا منهم الاصطلام لإحاطتهم بنا أو كانوا يعذبون أسرانا "وجب إعطاؤهم" ذلك للضرورة واستشكل بأنه مخالف (٣) لما في السير من ندب فك الأسرى وأجيب بحمل ندب ما هناك على عدم تعذيب الأسرى أو خوف (٤) اصطلامهم وهل العقد في هذه الحالة صحيح قال الأذرعي عبارة كثير تفهم صحته، وهو بعيد والظاهر بطلانه (٥)، وهو قضية كلام الجمهور "ولم يملكوه" أي ما أعطي لهم لأخذهم له بغير حق "ويشترط أن لا يزيد" في عقد
(١) "قوله فيجتهد الإمام في الأصلح" قال الإمام وما يتعلق باجتهاده لا يعد واجبا، وإن كان يتعين عليه رعاية الأصلح. (٢) "قوله أو ماله" قال الزركشي: وينبغي أن يلتحق به مال أهل ذمتنا وقال الأذرعي والظاهر أنه لو شرط ترك ما استولوا عليه لأهل ذمتنا كان فاسدا كترك مالنا. (٣) "قوله واستشكل بأنه مخالف إلخ" قال الأذرعي ويشبه أن لا يكون مخالفا وأن ذاك بالنسبة إلى الآحاد والكلام هنا بالنسبة إلى الإمام ولهذا قال الجرجاني وغيره هنا وهل يجب على الإمام ذلك أو يجوز له على وجهين وقد يجب على الإمام القيام بما لا يجب على الآحاد. (٤) "قوله أو خوف" عطف على تعذيب. (٥) "قوله والظاهر بطلانه إلخ"، وهو الراجح.