للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عملا بما في نفس الأمر بخلاف ما لو دخل حربي دارنا وبقي مدة ثم اطلعنا عليه لا نأخذ منه شيئا لما مضى كما مر إذ لم تعقد له الجزية.

"وإن حاصرنا قلعة" مثلا أي أهلها "فبذلوا الجزية عن النساء دون الرجال لم نصالحهم" فإن صالحناهم على ذلك فالصلح باطل "فإن لم يكن" فيها "إلا نساء وطلبن العقد بالجزية ففي قول تعقد لهن"; لأنهن يحتجن إلى صيانة أنفسهن عن الرق كما يحتاج الرجال إلى الصيانة عن القتل فعليه يشترط عليهن التزام الأحكام ولا يسترققن "ولا يلزمهن المال" أي الجزية "فإن بذلنها جاهلات" بلزومها "ردت عليهن"; لأنهن دفعنها على اعتقاد أنها واجبة "فإن علمن أنه لا يلزمهن" الأولى أنها لا تلزمهن فبذلنها "فهي هبة تلزم بالقبض بالإذن" والتصريح بالإذن من زيادته "وفي قول" لا تعقد لهن بل "يسبين"; لأن الجزية تؤخذ لقطع الحرب ولا حرب فيهن فإن عقد لهن لم يتعرض لهن حتى يرجعن إلى القلعة فإذا فتحنها سباهن والظاهر الأول (١) قال في الأصل: والقولان متفقان على أنه لا يقبل منهن جزية ولا يؤخذ أخذ التزام "فإن كان لهن" في القلعة "رجل وبذل الجزية" جاز و "عصمهن" من القتل وغيره قال في الأصل كذا أطلقه مطلقون وخصه الإمام والغزالي بما إذا كن من أهله، وهو حسن.

"فرع يدخل في" عقد "الذمة" للكافر "المال حتى العبد وكذا زوجة وطفل" ومجنون له وسائر ما يستحقه، وإن لم يشترط دخولهم اعتمادا على قرينة الحال; لأن صاحبها لا يأمن إذا لم يأمن عليها فبذله الجزية إنما هو لعصمتها فيحرم إتلافها، وعلى من أتلف شيئا منها غير الخمر والخنزير ونحوهما الضمان وسيأتي أنه


= وأما الجواب فقال البلقيني قد تصور المسألة هنا بأنه صدر معه عقد ثم تبين بظهور حاله صحة العقد كما لو عقد النكاح بخنثيين ثم بانا رجلين وكتب أيضا الفرق بين الخنثى إذا بانت ذكورته وبين مسألة الحربي أنه قبل القدرة عليه غير ملتزم وما يتلفه علينا من الأموال والمنافع لا يضمنه بخلاف الخنثى فإنه قد دخل وأقام جهرة والتزم أحكام المسلمين فلزمته الجزية لمدة إقامته بدار الإسلام فإن فرض أن الخنثى أقام خفية إلى أن ظهرنا عليه فبانت ذكورته فلا شك في كونه كالحربي المذكور وأولى قس قال أبو الحسن السلمي في كتاب الخناثى: لا تعقد للخنثى الذمة ويعقد له الأمان بغير جزية فإذا أمن ودام سنين ثم بان رجلا لم تؤخذ منه الجزية لما مضى; لأنها لا تجب بغير عقد ويستأنف معه عقد الذمة.
(١) "قوله والظاهر الأول" أشار إلى تصحيحه.