ثمر وزبيب للنهي عن ذلك في الصحيحين وسبب النهي أن الإسكار يسرع إلى ذلك بسبب الخلط قبل أن يتغير طعمه فيظن الشارب أنه ليس بمسكر ويكون مسكرا "فيحد" بشرب المسكر "المسلم المكلف ولو حنفيا شرب النبيذ وإن قل"(١) ولا يؤثر اعتقاده حله لقوة أدلة تحريمه ولأن الطبع يدعو إليه فيحتاج إلى الزجر عنه وبهذين التعليلين فارق ذلك عدم وجوب الحد بالوطء في نكاح بلا ولي وخرج بالمسلم الكافر ولو ذميا; لأنه لم يلتزم تحريم ذلك (٢) أي مطلقا ليخرج الحنفي الشارب للنبيذ وبالمكلف غيره لرفع القلم عنه "لا" أي يحد من ذكر بشرب المسكر لا "بإسعاط وحقنة" به; لأن الحد للزجر ولا حاجة فيهما إلى زجر، فإن النفس لا تدعو إليهما "و" يحد "بمرق" أي بشرب مرق "ما طبخ به" أي بالمسكر "لا" بأكل "لحمه" لذهاب العين منه "و" يحد "بأكل ما ثرد به" أو غمس فيه "لا" بأكل "ما عجن به" لاستهلاكه فيه "ولا بشربه" أي المسكر "فيما استهلكه" كأن شرب ما فيه قطرات خمر، والماء غالب بصفاته لذلك "ولا يحد مكره بشربه" لشبهة الإكراه ولأنه يباح له شربه بالإكراه "و" لا "مسيغ" أي مزدرد "لقمة" به حين "غص" بفتح الغين أي شرق "بها ولم يجد غيره"(٣) مما يحصل به الإساغة "وخاف" الهلاك إن لم يفعل للضرورة "ويجوز" له حينئذ
(١) "قوله: ولو حنفيا شرب النبيذ وإن قل"، فإن قيل الشافعي لا يحد الحنفي إذا وطئ مطلقته الرجعية وكذلك الشافعي إذا صلى خلف الحنفي بعد ما مس فرجه لا تصح بخلاف ما إذا اقتصد، فإنها تصح وكذلك إذا توضأ الحنفي بغير نية رفع الحدث، فإن الأصح في الروضة أن الماء يصير مستعملا فالجواب أما مسألة الرجعة فلأن الوطء عند الحنفي يكون رجعة فأشبه عقد النكاح بلا ولي وليس للشافعي إنكاره على الحنفي وكذلك الصلاة بغير نية الوضوء أو مع مس الفرج ليس للشافعي إنكاره; لأن الصلاة توصف بالانعقاد فهي كالبياعات والأنكحة وغيرها بخلاف شرب النبيذ، فإنه ليس باختلاف في عقد تحصل منه إباحة وإنما هو اختلاف في نفس الإباحة ولا ضرورة للحنفي إلى تعاطي ذلك بخلاف العقود، فإنه محتاج إلى تعاطيها وأما الاقتداء والوضوء، فإنما قلنا لا تصح الصلاة خلفه عملا باعتقاد المأموم وقلنا يصير الماء مستعملا عملا باعتقاد المتوضئ احتياطا للعبادة في الموضعين. (٢) "قوله: لأنه لم يلتزم تحريم ذلك"; لأنه لم يلتزم بالذمة مما لا يعتقده إلا الأحكام المتعلقة بالعباد وكتب أيضا كيف يقال هذا وقد قرر أهل الأصول أن الخمر لم يزل محرما في كل الملل. (٣) "قوله: ولا مسيغ لقمة غص بها ولم يجد غيره" قال شيخنا وكذا لا حد في كل من شربه للعطش أو التداوي أو كونه غص وإن وجد غيره.