للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقتلتها، وما في بطنها فقضى رسول الله أن دية جنينها غرة عبد أو أمة، وقضى بدية المرأة على عاقلتها" (١) أي القاتلة، وقتلها شبه عمد فثبوت ذلك في الخطأ أولى، والمعنى في ذلك أن القبائل في الجاهلية (٢) كانوا يقومون بنصرة الجاني منهم، ويمنعون أولياء الدم أخذ حقهم فأبدل الشرع تلك النصرة ببذل المال، وخص تحملهم بالخطأ وشبه العمد (٣) ; لأنهما مما يكثر لا سيما في متعاطي الأسلحة فحسنت إعانته لئلا يتضرر بما هو معذور فيه وأجلت الدية عليهم رفقا بهم وسموا عاقلة لعقلهم الإبل بفناء المستحق، ويقال لتحملهم عنه العقل أي الدية، ويقال لمنعهم عن القاتل والعقل المنع، ومنه سمي العقل عقلا لمنعه من الفواحش.

"وجهات التحمل" ثلاث (٤) "العصبة" من النسب "والولاء، وبيت المال" لا غيرها كزوجية، ومحالفة، وقرابة ليست بعصبة "فلا يتحمل القاتل" مع وجود العاقلة فيما تحمل فيه لما مر "ولا أصوله، و" لا "فروعه" كالقاتل إذ مالهم كماله بدليل لزوم النفقة، وفي رواية لأبي داود في خبر المرأتين السابق، وبرأ الوالد أي من العقل، وفي النسائي "لا يؤخذ الرجل بجريرة ابنه (٥) " (٦) "كابن الجانية، ولو كان ابن ابن عمها" أو معتقها فلا يتحمل عنها، وإن كان يلي نكاحها; لأن


(١) رواه البخاري كتاب الديات باب جنين المرأة وأن … حديث "٦٩١٠" ومسلم كتاب القسامة والمحاربين .... حديث "١٦٨١".
(٢) "قوله: والمعنى في ذلك أن القبائل في الجاهلية إلخ" ضرب الدية على أولياء القاتل لمصلحة أولياء المقتول مع عدم تحميل القاتل ما لم يقصد به القتل وكون أوليائه يغنمون بكونه مقتولا فليغرموا بكونه قاتلا، ولذلك، قال "ما لك غنمه فعليك غرمه".
(٣) "قوله: وخص تحملهم بالخطأ وشبه العمد" وخرج بالخطأ وشبه العمد دية العمد فتجب على الجاني لما روى سعيد بن منصور عن ابن عباس لا تحمل العاقلة عمدا، ولا صلحا، ولا اعترافا، قال ابن عبد البر: ولا مخالف له من الصحابة، وقال الماوردي: لا خلاف فيه.
(٤) "قوله: وجهات التحمل ثلاث" شمل خطأ الإمام، ولا تحمل العاقلة جناية المرء على نفسه، ولا على طرفه بل هي هدر.
(٥) "قوله: بجريرة ابنه"، ولا بجريرة أبيه.
(٦) صحيح رواه النسائي "٧/ ١٢٧" كتاب تحريم الدم باب تحريم القتل حديث "٤١٢٧" ولكنه بلفظ "أبيه" بدل "ابنه".