للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القصاص (١)، ووجبت الدية؛ لأنه لا يجوز أن يستوفي أكثر من حقه وتقييد ما ذكر بضوء العينين ليس بقيد بل ضوء إحداهما كذلك إلا في مسألة اللطمة؛ لأنه ربما لطمه فأذهب ضوء عينيه معا بل يذهبه بالمعالجة إن أمكن، وإلا فالدية (والسمع والشم والذوق والكلام والبطش (٢) لا العقل كالبصر" في أن إبطالها "يوجب القصاص بالسراية"; لأن لها محالا مضبوطة ولأهل الخبرة طرق في إبطالها بخلاف العقل لتعذر إزالته بالسراية إذ لا يوثق بالمعالجة مما يزيله ولاختلاف الناس في محله، وإن كان الصحيح أن محله القلب لقوله تعالى (٣) ﴿فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا﴾ ; ولأنه نوع من العلوم ثم ما تقرر من وجوب القصاص في السمع هو ما جزم به الشيخان، ونقلاه عن تصحيح الإمام قال ابن الرفعة وغيره: والمذهب فيه المنع إذ هو قول الجمهور، ونص عليه في الأم. انتهى، وفي اللمس كلام ذكرته في شرح البهجة (٤).

"فرع: متى قطع أصبعه فتآكل الكف، أو أوضحه فتصلع" بأن ذهب شعر مقدم رأسه "اقتص" منه "كفعله، ولزمه دية للمتآكل مغلظة في ماله وحكومة للشعر، وإن ذهبا بالقصاص" فلا يقع ذهابهما قصاصا إذ لا قصاص فيهما لما مر أن فوات الجسم لا يقصد بالسراية (٥)، وكالتآكل الشلل "ولو عفا"


(١) "قوله: فإن لم يمكن إذهابه إلا بإذهاب الحدقة سقط القصاص إلخ" قال الأذرعي: وهذا متعين إذ قد تكون عين الجاني ضعيفة أو مريضة، ويقول أهل البصر متى فعل بها ذلك انغلقت الحدقة.
(٢) "قوله: والبطش" أي، والمشي.
(٣) "قوله: لقوله تعالى ﴿فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا﴾ " نظم الآية في الأعراف ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا﴾، وفي الحج ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا﴾.
(٤) "قوله: وفي اللمس كلام ذكرته في شرح البهجة" لم يتعرض الرافعي وغيره للمس والظاهر كما قال البارزي أنه كالبقية، وقول الطاوسي: المعني بالحواس غير اللمس; لأن زواله إن كان بزوال البطش ففيه دية البطش، وإلا لم يتحقق زواله فإن فرض تخدير ففيه حكومة فيه نظر إذ قوله: وإلا لم يتحقق زواله ممنوع مع أن الفرض زواله، وقوله: ففيه دية البطش ليس الكلام فيها بل في القود، ولا تلازم بينهما ش، وأيضا فاللمس الذي هو أحد الحواس لا يخص اليدين بل هو قوة تعم أعضاء البدن أن.
(٥) "قوله: لما مر أن فوات الجسم لا يقصد بالسراية" فالجناية على غيره لا تعد قصدا إلى تفويته واللطائف لا تباشر بالجناية بل يتوصل إلى تفويتها بالجناية على محالها أو ما يجاورها.