الزوج كان المعوض تالفا فيتعذر عوده بخلافها فإنها في مقابلة التمكين فلو قبضت بعض المهر كما هو معتاد فلا فسخ بعجزه عن بقيته؛ لأنه استقر له من البضع بقسطه فلو فسخت لعاد لها البضع بكماله لتعذر الشركة فيه فيؤدي إلى الفسخ فيما استقر للزوج بخلاف نظيره من الفسخ بالفلس لإمكان الشركة في المبيع قاله ابن الصلاح في فتاويه (١)، ونقله عنه الإسنوي قال وتوقف فيه ابن الرفعة وجزم البارزي بخلافه (٢)، وكلام المصنف كأصله يوافقه لصدق العجز عن بعضه، واعتمده السبكي وغيره قالوا؛ لأن البضع لا يقبل التبعيض بل هو كالطلاق فيما لو سألته طلقة بألف لا نقول نصف الألف مقابل لنصف الطلقة فكذا لا يقال: إن
(١) "قوله: قاله ابن الصلاح في فتاويه إلخ" قال ابن العماد ما قاله ابن الصلاح مردود من أوجه أحدها أن المهر في مقابلة منفعة البضع فلو سلطناه على استيفاء منفعة البضع بتسليم البعض لأدى إلى إضرار المرأة والضرر لا يزال بالضرر والثاني أنه إنما يجب بتسليم بعض العوض إذا لم يخش تلف الباقي ومنفعة البضع لا يمكن استيفاء بعضها إلا باستيفاء كلها بخلاف المبيع الثالث إنا لو جوزنا ذلك لاتخذه الأزواج ذريعة إلى إبطال حق المرأة من حق حبس بضعها بتسليم درهم واحد من صداق هو ألف درهم وهذا في غاية البعد. الرابع أنه منقوض بما إذا استأجر دارا سلم بعض الأجرة فإنه لا يلزم المالك بتسليم الدار قبل تسليم الباقي. الخامس أن قوله لو جوزنا للمرأة الفسخ لعاد إليها البضع بكماله معارض بمثله وهو أنا لو أجبرناها على التسليم لفات عليها البضع بكماله وأيضا فإنه لا محذور في رجوع البضع إليها بكماله؛ لأن الصداق يرد على الزوج بكماله؛ لأنه على تقدير الفسخ يجب عليها رد ما قبضته. السادس أن ما ذكره من الرجوع عند التعذر بالإفلاس ليس وزان مسألة الصداق بل وزانها ما إذا سلم المشتري للبائع بعض الثمن هل يجب على البائع تسليم حصة ما سلم إليه من المبيع أم لا والأصح أنه لا يلزمه ذلك، وأما مسألة الفلس التي قاس عليها فإن المبيع فيها دخل تحت يد المشتري فلا يصح قياس مسألة الصداق عليها، ولا تنظيرها بها. (٢) "قوله: وجزم البارزي بخلافه إلخ" أشار إلى تصحيحه وكتب عليه، ونقل الأذرعي التصريح بالخيار عن الجوزي وقال: الوجه ما قاله البارزي نقلا ومعنى. ا هـ. وعبارة الجوزي في المرشد أنه لو كان بعض المهر معجلا وبعضه مؤجلا فلها الخيار ما لم تأخذ المعجل فإذا أخذته فلا خيار لها ما لم يحل أجله، ولم يدخل بها فإذا حل، ولم يكن دخل بها فلها الخيار على القولين كما تقدم ذكره في أصل المسألة فصرح بثبوت الخيار عند حلول المؤجل قبل الدخول مع قبضها لا المعجل منه، وهو نص في خلاف فتوى ابن الصلاح. وحاصله أن المهر إذا كان حالا وقبضت بعضه فلها الفسخ بالإعسار بالباقي من باب أولى، وهو الوجه نقلا ومعنى. ا هـ. وبه أفتيت.