محمول على الغالب من الحرائر لما سيأتي وعلى الحائلات بقرينة الآية السابقة، وهو ناسخ لقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ﴾ [البقرة: ٢٤٠]، وكالحائل الحامل من غير الزوج وتعتبر الأشهر "بالأهلة" ما أمكن "فإن انكسر شهر" بأن مات الزوج في خلاله "والباقي منه أكثر من عشرة" من الأيام "تمم" ما بقي منه "ثلاثين" يوما من الخامس، وإن بقي منه أقل من عشرة تمم بقيتها من الشهر السادس، وإن بقي منه عشرة اعتدت بها وبأربعة أشهر بعدها ثم "الموطوءة وغيرها" في ذلك سواء "كالصغيرة وزوجة المسموح ومن تعتد بالأقراء وغيرها" لإطلاق الآية، وإنما لم يعتبر هنا الوطء كما في عدة الحياة (١)؛ لأن فرقة الوفاة لا إساءة فيها من الزوج فأمرت بالتفجع عليه، وإظهار الحزن بفراقه ولهذا وجب الإحداد كما سيأتي؛ ولأنها قد تنكر الدخول حرصا على النكاح ولا منازع بخلاف المطلقة؛ ولأن مقصودها الأعظم حفظ حق الزوج دون معرفة البراءة ولهذا اعتبرت بالأشهر.
"فإن خفيت عليها الأهلة كالمحبوسة اعتدت بمائة وثلاثين يوما وتعتد الأمة" غير الحامل من زوجها "بشهرين وخمسة أيام" بلياليها، وإن كانت ذات أقراء؛ لأنها على النصف من الحرة مع إمكان القسمة قال الزركشي (٢): وتقدم أنه لو وطئ أمة يظن أنها زوجته الحرة اعتدت عدة حرة فليكن هنا مثله لاختصاص عدة الوفاة بالنكاح الصحيح وظاهر أن محله إذا مات قبل علمه بالحال قال الأذرعي (٣): والظاهر أن المبعضة كالقنة، وأن الأمة لو عتقت مع
(١) "قوله: وإنما لم يعتبر هنا الوطء كما في عدة الحياة إلخ" قال القاضي والشرع أوجب العدة في الوفاة قبل الدخول؛ لأن الموت في تقرير المهر كالدخول فكذا في العدة، والجامع ترتب مقصود العقد على كل منهما. (٢) "قوله: قال الزركشي" أي وغيره، وقوله: وتقدم إلخ قال شيخنا ضعيف وكتب أيضا صورة كلام الزركشي له زوجتان حرة وأمة وطئ الأمة ظانا كونها حرة ثم طلقها، ومات قبل انقضاء عدتها فتنتقل إلى عدة الوفاة، وتعتد بعدة حرة اعتبارا بظنه، ويتصور أيضا بما لو وطئها كذلك، واستمر ظنه بها إلى موته فتعتد عدة الحرائر أما لو انجلى له الحال قبل موته فلا، وذكر الزركشي في التكملة أيضا صورة، وإنها لا يجيء هنا مثلها، وهو محمول على ما لو وطئ أمته أو أمة غيره ظانا أنها زوجته الحرة فلا تعتد للوفاة؛ لأنها من خصوصيات النكاح ولعل كلامه اختلف مع اختلاف التصوير. (٣) "قوله: قال الأذرعي" أي وغيره. "فرع" لو علق الطلاق بموته قال الزركشي: فالظاهر أنها تعتد عدة الطلاق، وإن أوقعنا الطلاق قبيل الموت، وإن كانت لا ترث احتياطا قال شيخنا لكن تقدم في الطلاق أنه لو علق طلاقها بخلاف نفسه لم يقع طلاق، ومقتضى ذلك أنها تعتد عدة الوفاة هنا.