صريحا دونه "والتعريض مثل وأما أنا فلست بزان ولا ابن زانية ويا ابن الحلال ونحوه" مثل ما أحسن اسمك في الجيران ولست ابن خباز أو إسكاف "فليس بقذف"(١) صريح ولا كناية "ولو نوى" القذف؛ لأن النية إنما تؤثر إذا احتمل اللفظ المنوي (٢) ولا احتمال له هنا.
وما يفهم ويتخيل منه فهو أثر قرائن الأحوال فهو كمن حلف لا يشرب له ماء من عطش ونوى أن لا يتقلد له منة فإنه إن شربه لغير العطش لا يحنث. قال القونوي وفيه نظر فإن احتمال اللفظ في التعريض للمنوي وإشعاره به مما لا ينكر أي فيكون كناية.
قال الزمخشري: الفرق بين الكناية والتعريض أن الكناية أن تذكر الشيء بغير لفظه الموضوع له والتعريض أن تذكر شيئا تدل به على شيء لم تذكره كما يقول المحتاج للمحتاج إليه جئتك لأسلم عليك ولا نظر لوجهك ولذلك قالوا وحسبك بالتسليم مني تقاضيا كأنه إمالة الكلام إلى عرض يدل على الغرض ويسمى التلويح؛ لأنه يلوح منه بما يريده، ثم قال هذا كلامه وهو ظاهر في أن التعريض مشعر وملوح بالمقصود في الجملة إلا أن يكون مراد من نفي الدلالة (٣) والاحتمال عن التعريض أنه لولا القرينة والسياق لم يكن اللفظ بمجرده في التعريض مشعرا بالمقصود فيقرب حينئذ بعض القرب غير أن هذا القدر لا يبعد حصول مثله في بعض صور الكناية نحو ذوقي فإنه بمجرده لا إشعار له بإضافة الذوق إلى كأس الفراق انتهى.
وجواب نظره ما ذكره بقوله إلا أن يكون مراده من نفي الدلالة إلى آخره وأما قوله غير أن هذا القدر لا يبعد حصول مثله في بعض صور الكناية إلى آخره فلا يضر؛ لأن المقصود في الكناية، وإن لم يشعر به لفظها هو مدلوله بخلافه في التعريض هذا وما أشار إليه من أنه ينبغي أن يكون كناية هي طريقة العراقيين كما
(١) "قوله فليس بقذف، ولو نوى هذا في حق غير الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم" أما في حقهم فإنه حقهم فإنه قذف فيكفر به قاله ابن الخياط قال شيخنا وينبغي اعتماده. (٢) "قوله لأن النية إنما تؤثر إذا احتمل اللفظ المنوي إلخ" قال إلكيا الهراسي ومن أقوى الأدلة ما قاله الشافعي من أن التعريض بالخطبة لم يلحق بالصريح مع القرائن الدالة على مقصود التعريض فليكن في القذف كذلك بل أولى للسقوط بالشبهة. (٣) "قوله إلا أن يكون مرادا من نفي الدلالة إلخ" أشار إلى تصحيحه.