للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"بأنه خير نساءه بين المقام معه وبين مفارقته لما نزل قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا﴾ [الأحزاب: ٢٨] " (١) إلى آخره فلو لم يكن لاختيارهن الفرقة أثر لم يكن لتخييرهن معنى واستشكل بما صححوه من أنه لا يقع الطلاق باختيارها الدنيا بل لا بد من إيقاعه بدليل: ﴿فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ﴾ [الأحزاب: ٢٨] "قوله طلقي نفسك" لزوجته "أو اعتقي نفسك لأمته تمليك" للطلاق والإعتاق لأن ذلك يتعلق بغرضهما "كالهبة" ونحوها فكأنه يقول ملكتكما نفسكما فيملكانها بالطلاق والإعتاق "لا توكيل" بذلك دفع لما قيل إنه توكيل كما في التفويض لأجنبي وفرق الأول بأن لهما فيه غرضا ولهما بالزوج والسيد اتصالا.

"فإن كان" التفويض "بمال فيملك بعوض" كالبيع كما أنه بلا عوض كالهبة "وشرطه" أي التفويض أي شرط صحته "التكليف" فلا يصح من غير مكلف ولا مع غير مكلفة لفساد العبارة "والتطليق فورا (٢) لتضمنه القبول" وهو على الفور لأن التمليك يقتضيه فلو أخرت بقدر ما ينقطع به القبول عن الإيجاب (٣) ثم طلقت لم يقع "إلا أن قال" طلقي نفسك "متى شئت" فلا يشترط الفور وإن اقتضى التمليك اشتراطه قال ابن الرفعة لأن الطلاق لما قبل التعليق سومح في تمليكه وما ذكره المصنف كبعض مختصري الروضة (٤) من عدم اشتراط الفور في ذلك (٥) على القول بأن التفويض تمليك هو ما جزم به صاحب التنبيه (٦)، ووجهه ابن الرفعة بما ذكر والأصل إنما ذكره تفريعا على القول بأنه توكيل وصوبه في الذخائر


(١) رواه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب قوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ﴾، حديث "٤٧٨٦"، ومسلم، كتاب الطلاق، باب أن تخيير امرأته لا يكون طلاقا، حديث "١٤٧٥".
(٢) "قوله والتطليق فورا" كأن قالت طلقت نفسي أو الطلاق لازم لي وكتب أيضا لأن التطليق هنا جواب التمليك فكان كقبوله وقبوله فوري.
(٣) "قوله فلو أخرت بقدر ما ينقطع به القبول عن الإيجاب إلخ" شمل ما لو قالت على الفور قبلت.
(٤) "قوله وما ذكره المصنف كبعض مختصري الروضة" كالأصفوني.
(٥) "قوله من عدم اشتراط الفور في ذلك إلخ" أشار إلى تصحيحه.
(٦) "قوله هو ما جزم به صاحب التنبيه" وصاحب الأنوار والحجازي ونقله في التدريب عن النص وقال جرى عليه من اقتصر على التمليك ومن أثبت القولين قال في الذخائر إذا فوض الطلاق إليها وجعله على التراخي فالذي رمز إليه الأصحاب في خلال كلامهم أنه يجوز ذلك وإن رأيناه تمليكا على ما حكيناه في الجواب عن حديث عائشة.