"والكل مستحب" ودليل استحباب الوليمة إخبار البخاري أنه ﷺ أولم على بعض نسائه بمدين من شعير وأنه أولم على صفية بتمر وسمن وأقط وأنه قال لعبد الرحمن بن عوف وقد تزوج "أولم ولو بشاة"(١) والأمر فيه للندب (٢) قياسا على الأضحية وسائر الولائم ولأنه أمر فيه بالشاة ولو كان الأمر للوجوب لوجبت وهي لا تجب إجماعا لا عينا ولا كفاية (٣) قال الأذرعي والظاهر (٤) أن استحباب وليمة الختان محله في ختان الذكور دون الإناث فإنه يخفى ويستحيا من إظهاره ويحتمل استحبابه للنساء فيما بينهن خاصة قال وأطلقوا استحباب الوليمة للقدوم من السفر (٥) والظاهر أن محله في السفر الطويل (٦) لقضاء العرف به أما من غاب يوما أو أياما يسيرة إلى بعض النواحي القريبة فكالحاضر "وأقلها للمتمكن شاة ولغيره ما قدر" عليه. قال النسائي (٧) والمراد أقل الكمال شاة لقول التنبيه وبأي شيء أولم من الطعام جاز (٨).
(١) رواه البخاري كتاب النكاح باب الصفرة للمتزوج حديث "٥١٥٣" ومسلم كتاب النكاح باب الصداق وجواز كونه تعليم القرآن وخاتم حديد حديث "١٤٢٧". (٢) "قوله والأمر فيه للندب" قياسا على الأضحية ولقوله ﷺ "ليس في المال حق سوى الزكاة". (٣) "قوله وهي لا تجب إجماعا لا عينا ولا كفاية" لكون كل منهما لا يختص بالمحتاجين. (٤) "قوله قال الأذرعي والظاهر إلخ" أشار إلى تصحيحه. (٥) "قوله قال وأطلقوا استحباب الوليمة للقدوم من السفر" بأن يصنع له طعام أو يصنعه هو. (٦) "قوله والظاهر أن محله في السفر إلخ" أشار إلى تصحيحه. (٧) "قوله قال النسائي" أي وغيره وقوله والمراد إلخ وأفتى البارزي بأنه لا يحصل كمال السنة إلا بما يجزئ في الأضحية. (٨) "قوله وبأي شيء أولم من الطعام جاز" لو نكح أربعا معا فهل يستحب لكل واحدة وليمة أم تكفي وليمة عن الجميع أو يفصل بين العقد الواحد والعقود قال الأذرعي المتجه أنه إن قصد بما اتخذ من الطعام الوليمة عن الكل كفى فإن قلت لو نكح اليوم واحدة فأولم ثم غدا ثانية فأولم ثم في الثالث ثالثة فأولم لها هل تجب الإجابة في الثلاث قلت الظاهر نعم أن كل وليمة لا تعلق لها بالتي قبلها كما لو تطاول الفصل. ويقرب من هذا ما لو نكح واحدة وأولم ثم طلقها ثم نكحها غدا وأولم ثم طلقها وجدد نكاحها في الثالث وأولم وقد يتوقف في وجوب الإجابة ثانيا على من أجاب أولا أما لو نكح ثلاثا في عقد واحد وأولم عن كل واحدة في يوم من الثلاثة فهل يتعدد وجوب الإجابة أو لا وكذا لو نكحهن مرتبا ولم تتخلل الوليمة فهل يتعدد وجوب الإجابة في الأيام الثلاثة نظرا إلى تعدد الزوجات أو لا نظرا للمعنى وحصول الغرض بالوليمة الواحدة واتحاد العقد في الأول فيه نظر ولم أر فيه نقلا ولعل الثاني أقرب وقوله أم تكفي وليمة عن الجميع أشار إلى تصحيحه وكذا قوله المتجه أنه إن قصد إلخ وكذا أيضا قوله قلت الظاهر نعم وكذا قوله أيضا فهل يتعدد وجوب الإجابة في الأيام الثلاثة.