ومن له أبوان في الإسلام ليس كفؤا لمن لها ثلاثة آباء فيه "والفاسق والمبتدع ليس بكفء للعفيفة (١) والسنية" قال تعالى: ﴿أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُونَ﴾، وفي كلام المصنف لف ونشر مرتب "ومن لا يشهر بالصلاح كفء للمشهورة به" اكتفاء بمطلق الصلاح.
"وفي الحرف (٢) لا يكافئ الكناس والحجام وقيم الحمام والحارس" والراعي ونحوهم "بنت الخياط والخياط لا يكافئ بنت البزاز" والتاجر "ولا" يكافئ "المحترف بنت القاضي والعالم" نظرا للعرف ولقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ﴾ [النحل: ٧١] أي في سببه فبعضهم يصل إليه ببذل ومشقة وبعضهم بدونهما قال في الأصل. وذكر في الحلية (٣) أنه تراعى العادة في الحرف والصنائع فإن الزراعة في بعض البلاد أولى من التجارة وفي بعضها بالعكس انتهى وذكر في البحر نحوه أيضا قال الأذرعي وهو حسن ينبغي الأخذ به وقد جزم به الماوردي أيضا قال في الأنوار وإذا شك في الشرف والدناءة أو في الشريف والأشرف أو الدنيء والأدنى فالمرجع عادة البلد "قال الإمام والغزالي"
(١) "قوله والفاسق والمبتدع ليس بكفء للعفيفة" أفهم أن غير الفاسق كفء لها سواء فيه العدل والمستور وبه صرح الإمام وأن الفاسق كفء للفاسقة مطلقا وينبغي أن يختص ذلك بالمساوي فلو زاد أحدهما أو اختلف النوع فيشبه عدم التكافؤ كما في العيوب وسبق أن الكامل الرق ليس كفؤا للمبعضة فليكن هذا مثله ر ولو تاب لم يعد كفؤا لها وقوله فيشبه عدم التكافؤ أشار إلى تصحيحه وكتب عليه أيضا تبع فيه الإسنوي ورده ابن العماد فالفاسق كفؤ للفاسقة مطلقا. "فرع" لو تاب الزاني وحسنت حالته لم يعد كفؤا للعفيفة أبدا كما لا تعود عفته وحصانته بالتوبة ونظير ذلك لو اشترى عبدا فوجده قد زنى وتاب فله أن يرده. (٢) "قوله وفي الحرف إلخ" علو الحرفة تارة تكون بالنظافة وتارة بطيب الرائحة وتارة بزيادة الكسب كالتجارة وأطيب الكسب ما أكل من الجهاد وأدناه ما أكل من الصدقات لكن قال الغزالي في الإحياء إن الأكل من الصدقات لمن يشغله التكسب عن الاشتغال بالعلم الشرعي أفضل وكتب أيضا لو زالت الحرف الدنيئة هل تعود كفاءته أم لا قال الأزرق تعود كفاءته وقد قال به بعض المتأخرين ويؤيده قول التنبيه في آخر كتاب الشهادات أن من ردت شهادته لنقصان مروءته فتاب وحسنت توبته أنه تقبل شهادته، وقال القاضي موفق الدين علي بن أبي بكر الناشري بعد كلام الأزرق وهذا غير منقاس فإن الشهادات حق الله تعالى والكفاءة حق للأولياء وبترك الحرفة الدنيئة لا يزول العار. (٣) "قوله قال في الأصل وذكر في الحلية إلخ" أشار إلى تصحيحه.