للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأن الوصيتين متفقتان على البيع وإنما الزحمة في الثمن، نعم إن كان الموصي ذاكرا للأولى صرف الجميع إلى الرقاب على المذهب الصحيح قاله الأذرعي ويأتي مثله في نظائره وقد صرح هو به في بعضها وفارق اشتراكهما فيما ذكر ما لو أوصى بشيء للفقراء ثم أوصى ببيعه وصرف ثمنه للمساكين حيث كانت الوصية الثانية رجوعا بأنها في مسألتنا من جنس الأولى بخلافها ثم نبه عليه القفال وغيره.

"ولو أوصى لزيد بدار" أو بخاتم "ثم" أوصى "لعمرو بأبنيتها" أو بفصه "فالعرصة" والخاتم "لزيد والأبنية" والفص مشتركان "بينهما فإن أوصى لعمرو بسكناها" لا بأبنيتها "قال بعضهم اختص" عمرو "بالمنفعة واستشكل" أي استشكله الأصل فقال وكان يحتمل أن يشتركا في المنفعة كالأبنية والفص وفرق ابن الرفعة بأن المنفعة معدومة والأبنية والفص موجودان وبأنهما مندرجان تحت اسم الدار والخاتم فهما بعض الموصى به بخلاف المنفعة.

"فرع: هذا كله في المعينة" أي في الوصية بمعين "أما إذا أوصى بثلث ماله ثم باع" مثلا "أملاكه أو هلكت لم يكن" ذلك "رجوعا" عن الوصية "وتعلقت بالحادث" له من المال بعد ذلك إذ لا إشعار له به وثلث المال لا يختص بالموجود عنده حال الوصية بل العبرة بما يملكه حال الموت زاد أم نقص أم تبدل ولا يختص الحكم بالوصية بالثلث.

"فرع: طحن الحنطة وبدرها وعجن الدقيق وذبح الشاة وخبز العجين وإحضان البيض" الدجاج أو نحوه ليتفرخ "ودبغ الجلد رجوع" عن الوصية "لمعنيين: أحدهما زوال الاسم" قبل استحقاق الموصى له فكان كالتلف.

"والثاني الإشعار بالإعراض" عن الوصية "ويعزى الأول" منهما "إلى النص والثاني إلى أبي إسحاق" قال الرافعي: وليس بطلان الوصية ببطلان الاسم واضحا كل الوضوح بدليل أن العصير المرهون إذا تخمر وتخلل قبل القبض لا يبطل الرهن فيه على رأي (١) بل يكون الخل مرهونا مع بطلان الاسم، والرهن قبل القبض مع الوصية متقاربان (٢) ثم قضيته أن يفرق بين قوله: أوصيت بهذا الطعام


(١) "قوله لا يبطل الرهن فيه على رأي" أشار إلى تصحيحه.
(٢) "قوله: والرهن قبل القبض مع الوصية متقاربان إلخ" قال ابن الرفعة أما ما قاله من تقارب الرهن قبل القبض والوصية فقد يمنع فيقال: الرهن وجد الإيجاب والقبول فيه قبل تغيير الاسم وهما عمدة العقود في الجملة ولا كذلك الوصية ولئن سلمنا تقاربهما فالرأي في الرهن للأصحاب فلا يعكر على قول الشافعي بل بقوله يرد عليهم ولئن سلمنا أن قول الأصحاب يرد عليه; لأنه مأخوذ من أصل له لم نعدم فرقا، وهو أن العصير بعد انقلابه خمرا ثم خلا لا بد فيه من الإقباض فيوجد من موجبه أو من يقوم مقامه وهو وارثه إن لم يبطل بموته ما يدل على رضاه بالعقد بعد التغيير وهو يدل على أنه لم يعتمد الاسم فسقط حكمه ولا كذلك الوصية، وأما قوله ثم قضية ذلك أن يفرق إلى آخره سؤال حسن لا مدفع له في ظني إلا التخريج على أن تغيير الصفة هل يجعل كتغيير الموصوف؟ وفيه قولان ذكروهما في كتاب النكاح فيما إذا شرط أنها بصفة ثم ظهرت بصفة غيرها هل يصح العقد أم لا فإن قلنا: إنه كتغيير الموصوف لم يفترق الحال بين أن يصرح بالاسم أم لا وتكون عمدة الوصية الصفة وإن لم ينطق بها لضعف الوصية وعدم تحقق الرضا بما حصل بعدها.