يتعبد فيها "أو إسراجها تعظيما" لها أو بكتابة التوراة والإنجيل وقراءتهما (١) ونحوها، وذلك لأن المقصود من شرع الوصية تدارك ما فات في حال الحياة من الإحسان فلا يجوز أن تكون من جهة معصية وإنما تكون من جهة قربة كالفقراء أو مباح لا يظهر فيه قربة كالأغنياء، وخرج بقوله: تعظيما ما لو قصد بإسراجها انتفاع المقيمين أو المجتازين بالضوء فتصح الوصية كما لو أوصى بشيء لأهل الذمة.
"وتصح" من مسلم وكافر "بعمارة المساجد" لما فيها من إقامة الشعائر "وقبور الأنبياء والعلماء والصالحين" لما فيها من إحياء الزيارة والتبرك بها. قال صاحب الذخائر: ولعل المراد أن يبنى على قبورهم القباب (٢) والقناطر كما يفعل في المشاهد إذا كان في الدفن في مواضع مملوكة لهم أو لمن دفنهم فيها لا بناء القبور نفسها للنهي عنه ولا فعله في المقابر المسبلة فإن فيه تضييقا على المسلمين. قال الزركشي وفيه نظر، والمتجه أن المراد بعمارتها رد التراب فيها وملازمتها خوفا من الوحش، والقراءة عندها وإعلام الزائرين بها كي لا تندرس انتهى. والأول هو المتبادر "و" تصح "لفك الكفار من أسرنا" لأن المفاداة جائزة، ولأن الوصية جائزة لأهل الحرب (٣) والأسارى أولى.
"و" تصح "ببناء رباط (٤) أو دار يسكنها أو يستغلها الذميون"(٥) لأن صرف صدقة التطوع إليهم جائزة وكان الأولى أن يقول يسكنه أو يستغله.
"فصل: وتصح لمعين يتصور له الملك"(٦) وقت موت الموصي لأنها تمليك
(١) "قوله: وقراءتهما ونحوها" ككتابة أحكام شريعة اليهود والنصارى وكتب النجوم والفلسفة وسائر العلوم المحرمة ودهن سراج الكنيسة وإن قصد انتفاع المقيمين والمجاورين بضوئه لأن فيه إعانة لهم على تعبدهم وتعظيم الكنيسة. (٢) "قوله: ولعل مرادهم أن يبنى على قبورهم القباب إلخ" أشار إلى تصحيحه وكتب عليه، وبه يشعر كلام الغزالي في الإحياء في أوائل كتاب الحج، وكلامه في الوسيط في زكاة النقد يشير إليه. (٣) "قوله: ولأن الوصية جائزة لأهل الحرب" أي المعينين منهم. (٤) "قوله: وببناء رباط … إلخ" شرط السبكي أن لا يسميها كنيسة وإلا بطل قطعا ويشعر بذلك تعبيرهما بالرباط. (٥) "قوله: يسكنها أو يستغلها الذميون" لو قال: لنزول المارة والتعبد فوجهان أصحهما بطلانها. (٦) "قوله: وتصح لمعين يتصور له الملك" ولو بفعل وليه أو بإذنه.