أقوى من تبعية السابي فكان أولى بالاستتباع ولا يؤثر موت الأصل بعد؛ لأن التبعية إنما تثبت في ابتداء السبي "وإن سبى الذمي الصبي، (١) أو" المجنون "وباعه، أو باعه السابي المسلم" ولو "دون أبويه من مسلم" فيهما "لم يتبعه" أي المشتري "لفوات الوقت" أي وقت التبعية؛ لأنها إنما تثبت ابتداء كما مر ولم تثبت والتصريح بمسألة بيع السابي المسلم من زيادته "وإن بلغ المحكوم بإسلامه تبعا للسابي، أو للأبوين كافرا" بأن وصف الكفر بعد بلوغه "فمرتد" لا كافر أصلي؛ لأن الحكم بإسلامه مجزوم به لكونه على علم منا بحقيقة الحال بخلافه في تابع الدار كما سيأتي لبنائه على ظاهرها. فإذا أعرب عن نفسه بالكفر تبين خلاف ما ظنناه كما لو بلغ وأقر بالرق يقبل، وإن حكم بحريته بناء على الظاهر كما سيأتي وهذا معنى قولهم: تبعية الدار ضعيفة.
"ولا تنقض الأحكام الجارية عليه قبل الحكم بردته من إرث وغيره من الأحكام" حتى لا يرد ما أخذه من تركة قريبه المسلم ولا يأخذ من تركة قريبه الكافر ما حرمناه منه، ولا يحكم بأن إعتاقه عن الكفارة لم يقع مجزئا؛ لأنه كان مسلما ظاهرا وباطنا بخلاف ما إذا قلنا إنه كافر أصلي "فإن مات بعد البلوغ وقبل الإفصاح" بشيء "لم ينقض ما حكم به من" أحكام "إسلامه في الصبا" لذلك بخلاف ما إذا قلنا: إنه كافر أصلي "وإن حكم بإسلامه تبعا للدار فبلغ وأفصح بالكفر فأصلي (٢) " لا مرتد فيقر على كفره، وينقض ما أمضيناه من أحكام
(١) "قوله: وإن سبى الذمي الصبي إلخ" لو سبي أبواه ثم أسلما لم يصر مسلما بإسلامهما قاله الحليمي وينتظم من هذا لغز فيقال طفل محكوم بكفره أسلم أبواه ولم يتبعهما في الإسلام وقياسه أنهما لو أسلما بأنفسهما في دار الحرب، أو خرجا إلينا وأسلما لا يحكم بإسلامه لانفراده عنهما قبل ذلك قال السبكي وما أظن الأصحاب يسمحون بذلك ولو أسلم الذمي السابي هل يتبعه في الإسلام وكذا لو قهر حربي صغيرا من أهل الحرب وملكه ثم أسلم هل يصير مسلما بإسلامه قال ابن الملقن تبعا للسبكي لم أر فيه نقلا والظاهر نعم؛ لأن له عليه ولاية وكفالة وملكا وذلك علة الإسلام فيما إذا كان السابي مسلما. ا هـ. وقد صرح البغوي بنظير المسألة فقال لو اشترى الكافر عبدا صغيرا، ثم أسلم السيد هل يحكم بإسلام العبد يحتمل وجهين بناء على ما لو سبى ذمي صبيا فحمله إلى دار الإسلام هل يحكم بإسلامه تبعا للدار؟ وجهان. ا هـ. وأرجحهما عدم الحكم بإسلامه. (٢) "قوله: وإذا حكم بإسلامه تبعا للدار فبلغ وأفصح بالكفر فأصلي" قال في الكفاية محله إذا كان في الدار كافر، وإلا فمرتد قطعا قال الماوردي.