للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلذلك قد يقصده الفاتح بخلاف الريح، وأفهم كلامه كأصله أن الريح (١) لو كانت هابة عند الفتح ضمن، وهو ظاهر كما يؤخذ من الفرق المذكور، ومن تفرقتهم بين المقارن والعارض فيما إذا أوقد نارا في أرضه فحملها الريح إلى أرض غيره فأتلفت شيئا نبه عليه الإسنوي (٢).

"فلو أذابه آخر" غير الفاتح "بنار" قربها إليه "أو نكسه" بالتخفيف والتشديد أي قلب الزق "وهو" أي ما فيه "يتقاطر فالضمان من حينئذ" أي حين إذابته أو تنكيسه أي ضمان التلف بهما "عليه" دون الفاتح كالحاز مع الجارح "وكذا يضمن بالسبب" كالمباشرة، وقد مر مثله في فتح الزق، ومثل له هنا أيضا بأمثلة فقال "كما لو أزال ورق العنب ففسدت عناقيده" بالشمس "أو ذبح شاة رجل أو حمامته فهلك الفرخ" في الثانية "أو السخلة" في الأولى لفقد ما يعيشان به، ويفارق عدم الضمان فيما لو حبس المالك عن ماشيته حتى تلفت كما سيأتي بأن التالف هنا جزء أو كالجزء من المذبوح بخلاف الماشية مع مالكها وبأنه هنا أتلف غذاء الولد المتعين له بإتلاف أمه بخلافه ثم "أو قرب النار إلى جامد" (٣) في زق مفتوح "فذاب، وخرج" وتلف.


(١) "قوله: وأفهم كلامه كأصله أن الريح إلخ" أشار إلى تصحيحه.
"فرع" لو دخل دكان حداد، وهو يطرق الحديد فطارت شرارة، وأحرقت ثوبه فهدر، وإن دخل بإذن الحداد قاله القاضي حسين.
(٢) "قوله: نبه عليه الإسنوي" أي وغيره وبه صرح الفارقي فقال، وهكذا لو فتح في وقت هبوب الريح أو شدة الحر فإنه يضمن.
"فروع" لو أوقد نارا في ملكه أو في موضع يختص به بإجارة أو عارية أو في موات وطار الشرار إلى بيت غيره أو كدسه أو زرعه، وأحرقته فلا ضمان إن لم يجاوز العادة في قدر النار ولم يوقد في ريح عاصفة، وإن جاور أو أوقد في عاصفة ضمن ولو عصفت بغتة فلا ضمان ثم إن تحققنا المجاوزة أثبتنا الضمان، وإن تحققنا الاقتصاد نفينا الضمان، وإن شككنا فلا ضمان، وإن غلب على الظن المجاوزة ففيه تردد اجتماع الأصل والظاهر. والأصح أن الاعتبار بالبراءة الأصلية فلا يضمن إيقاد النار القليلة في يوم الريح في العرائش وبيوت القصب كإيقاد النار العظيمة المجاوزة للحد
(٣) "قوله: أو قرب النار إلى جامد فذاب" وخرج وتلف فإنه يضمنه دون الفاتح وفارق ما لو فتح رأس زق فأخذ ما فيه في الخروج ثم جاء آخر ونكسه حيث ضمنا كما مر بيانه بأن صورة التنكيس اجتمع فيها مباشرتان، وهنا سببان فأحيل الضمان على أقواهما.