محافظة على حرمته أما بعد اندراسه أو قبله، وقبل مواراته ولو بعد وضعه في القبر فيجوز الرجوع لكن قضية كلام الشرح الصغير ترجيح المنع (١) بعد وضعه في القبر، وصورة ذلك بعد الاندراس إذا أذن المعير في تكرار الدفن، وإلا فقد انتهت العارية وذكر منع رجوع المستعير من زيادته واستفدنا من منع رجوع المعير قبل الاندراس أنه لا أجرة له أيضا، وقد صرح به الماوردي والبغوي وغيرهما؛ لأن العرف غير قاض به والميت لا مال له "وله" أي للمعير "سقي شجرها" أي المقبرة "إن أمن ظهور" شيء من "الميت" بخلاف ما إذا لم يأمنه ولو أظهره السيل من قبره قال الماوردي والروياني تجب إعادته فيه؛ لأنه قد صار حقا له مؤبدا قال ابن الرفعة، وقد يوجه بأن دفنه على الفور، وفي تأخيره إلى حفر غيره ونقله إليه تأخير للواجب نعم إن كان السيل حمله إلى موضع مباح يمكن دفنه فيه من غير تأخير فالذي يظهر المنع من ذلك (٢).
"وعليه" أي على المعير لولي الميت "مؤنة حفر ما رجع فيه قبل الدفن"(٣)؛ لأنه المورط له فيه (٤). وفي فتاوى البغوي أن المعير لو بادر إلى زراعة الأرض بعد تكريب المستعير لها لم تلزمه أجرة التكريب قال الإسنوي: والقياس التسوية بينهما (٥)، قلت: وهو احتمال للبغوي أيضا قاله بعدما تقدم، ويجاب
(١) "قوله: لكن قضية كلام الشرح الصغير ترجيح المنع، وهو الأصح". قال الأذرعي وكلام النهاية والبسيط يوافقه ولم أر من صرح بخلافه. ا هـ. لأنه بوضعه فيه استحق البقعة فلا يجوز إزعاجه منها، وإن أوصى بنقله منها. (٢) "قوله: فالذي يظهر المنع من ذلك" أشار إلى تصحيحه. (٣) "قوله: وعليه مؤنة حفر ما رجع فيه قبل الدفن" قال الزركشي ما أطلقوه من لزوم مؤنة الحفر يجب تقييده بما إذا حفرها الوارث أو غيره بعد الموت كما يشير إليه تعبيره بولي الميت أما لو حفرها الميت قبل الموت فلا يرجع الوارث على المعير بالأجرة؛ لأن الميت لم يكن حالة الحفر أحق بها من غيره كما قاله العبادي في المقبرة المسبلة ومعنى قوله لم يكن أحق أي لم يكن له فيها استحقاق وقوله قال الزركشي ما أطلقوه إلخ أشار إلى تصحيحه. (٤) "قوله: لأنه المورط له فيه" أي من غير أن يتصل له بذلك مقصود ولم يحصل به مقصود العارية. (٥) "قوله: قال الإسنوي والقياس التسوية بينهما" قال في الأنوار، وهو الأصح؛ لأنه عمل محترم، وأنه ظاهر جار مجرى الأعيان في الحكم.