فيجوز أن يقال: يرجع عليه هنا بما بين زراعة البر وزراعة الذرة، وقد يقال بل يرجع عليه بجميع أجرة المثل (١). والفرق أن المستأجر استوفى ما كان يملكه مما لا يقبل الرد بزيادة، والمستعير لا يملك شيئا فهو بعدوله عن الجنس كالراد لما أبيح له فلا يسقط بإزائه عنه شيء قال الأذرعي، وهذا الثاني أرجح كما اقتضاه كلامه في الكفاية واقتضاه قول المتولي وغيره فإن فعل فكالغاصب. انتهى. وبه جزم في الأنوار مع أن في مسألة الإجارة شيئا تركه في المطلب هنا مع أنه الأصح وسيأتي بيانه في بابه. "أو" استعارها "لمطلق الزراعة" بأن لم يبين المزروع "زرع ما شاء"(٢)؛ لإطلاق اللفظ، ومثله كما فهم بالأولى لو أعارها ليزرع ما شاء؛ لأنه عام لا مطلق والمراد كما قال الأذرعي (٣) أن يزرع ما شاء مما اعتيد زرعه هناك ولو نادرا حملا للإطلاق على الرضا بذلك "ولم يغرس ولم يبن" من استعار للزرع؛ لأن الغراس والبناء ليسا من نوعه وضررهما أكثر "أو" استعار "للغراس أو للبناء زرع"(٤)، وإن لم يكن الزرع من نوعهما؛ لأن ضرره أخف فإن نهاه عنه امتنع. "أو" استعار "لأحدهما لم يأت بالآخر" لاختلاف جنس الضرر إذ ضرر البناء بظاهر الأرض أكثر (٥)، وضرر الغراس بباطنها أكثر؛
(١) "قوله: وقد يقال بل يرجع عليه بجميع أجرة المثل" أشار إلى تصحيحه وكتب عليه قال الأذرعي ولعل هذا هو الوجه وقال الزركشي إنه أرجح. (٢) "قوله: أو لمطلق الزراعة زرع ما شاء" قال الرافعي ولو قيل يصح ولا يزرع إلا أقل الأنواع ضررا لكان مذهبا قال البلقيني، وهو ممنوع فإن المطلقات إنما تنزل على الأقل إذا كان بحيث لو صرح به لصح، وهنا لو صرح به لم يصح؛ لأنه لا يوقف على أقل الأنواع ضررا فيؤدي إلى النزاع، والعقود تصان عن ذلك وحيث أعار للزراعة أو للغراس أو للبناء لم يكن للمستعير ذلك إلا مرة واحدة فلو قلع ما غرسه أو بناه لم يكن له إعادته إلا بإذن جديد إلا أن يصرح له بالتجديد مرة أخرى صرح به البغوي وقوله قال البلقيني، وهو ممنوع إلخ أشار إلى تصحيحه وكذا قوله: صرح به البغوي. (٣) "قوله: والمراد كما قاله الأذرعي إلخ" أشار إلى تصحيحه وكتب عليه شيخنا قد أفتى به الوالد رحمه الله تعالى. (٤) "قوله: أو للغراس أو للبناء زرع" كان الغرض فيما إذا كانت تصلح للأنواع الثلاثة أو العرف جار به في مثلها أما إذا كانت لا تصلح إلا لأحدها أو لم يجر العرف بغير ما أذن فيه فينبغي أن لا يتعداه قاله الأذرعي وقوله فينبغي أن لا يتعداه أشار إلى تصحيحه. (٥) "قوله: إذ ضرر البناء بظاهر الأرض أكثر" قال الأذرعي هذا إذا كان البناء محكما بالحجر ونحوه ويحتاج إلى حفر أساس أما البناء الخفيف بالخشب والقصب ونحوهما … =