حق لي السابقة بأن الأصل عدم العلم فدعواه له ثم موافقة للأصل وبأن عدم العلم غالب على الإنسان كالنسيان، وقد أفتى ابن الصلاح في مسألة دعوى نسيان عين بقبول قوله (١) بخلاف تخصيص العام بالإرادة في ذلك فلا يقبل بلا قرينة، ولهذا لو قال نسائي طوالق أو كل امرأة لي طالق قال أردت بعضهن لم يقبل ظاهرا بلا قرينة على الصحيح إنما لم يجر ذلك الخلاف في مسألتنا؛ لأن العام فيها نص في إفراده لوقوعه بعد لا النافية للجنس بخلافه في تينك (٢) فإنه ظاهر؛ ولأن الحق هنا لمحض حق الآدمي بخلافه. ثم اعلم أن ما قاله المصنف هو ما صوبه النووي على قول الهروي القياس قبول قوله ثم قال ولعله مراده ويؤخذ منه أن المحذور من قبول قوله إنما هو إقامة البينة، وأنه في مسألة لا حق لي (٣) ونحوها يقبل قوله لإقامتها، وهو مقتضى كلام البلقيني بل هو مقتضى ما صححه الشيخان في نظير ذلك من المرابحة وعليه يفرق بما قدمته آنفا، ويحمل ما أطلقه الشافعي (٤) والجمهور في المرابحة وغيرها من مسائل الإقرار من عدم سماع البينة لتكذيب قوله الأول لها على ما إذا لم يذكر المدعي تأويلا ظاهرا كإرادة ما ذكر في مسألتنا والإشهاد على رسم القبالة والجهل بما أقر به ولو مع دعوى ظهور مستند يشهد له باستحقاقه فلا تسمع دعواه إلا للتحليف هكذا فهم.
"وإن أقر بمجهول تمكن معرفته كوزن هذه الصنجة دراهم، وقدر ما باع به فلان فرسه صح" ويرجع إلى ما أحال عليه "وكقوله لزيد علي ألف إلا نصف ما لعمرو" علي "ولعمرو علي ألف إلا ثلث ما لزيد" علي "فلزيد ستمائة ولعمرو ثمانمائة؛ لأن ستمائة ألف إلا نصف ثمانمائة وثمانمائة ألف إلا ثلث ستمائة" وذكر الأصل لذلك ثلاثة طرق:
أولها: أن تفرض لزيد شيئا وتقول لعمرو ألف إلا ثلث شيء فتسقط نصفه من ألف زيد يبقى خمسمائة وسدس شيء يعدل الشيء تسقط سدس شيء بمثله
(١) "قوله: وأفتى ابن الصلاح في مسألة دعوى نسيان عين بقبول قوله" أشار إلى تصحيحه. (٢) "قوله بخلاف في تينك" هما نسائي طوالق وكل امرأة لي طالق. (٣) "قوله: ويؤخذ منه أن المحذور من قبول قوله إنما هو إقامة البينة، وأنه في مسألة لاحق له إلخ" أشار إلى تصحيحه. (٤) "قوله ويحمل ما أطلقه الشافعي إلخ" أشار إلى تصحيحه.