ثم قد يتفق الأصحاب على هذا الحكم المُخَرَّج أو يختلفون فيه، لاختلاف وجهة نظرهم أو اختلاف اجتهادهم، وذلك لاختلافهم في قياس أصل مذهب الإمام.
فإن اتفقوا، أرسلوا ذِكْرَ الحكم الذي تم تخريجه. وإن اختلفوا عبَّروا عن الخلاف في المسألة بقولهم: فيها وجهان، أو: فيها ثلاثة أوجه. وذلك حَسْبَ ما في المسألة من أوجه. ومنهم من يتسامح في هذا ويُطلق على الوجه المخرج: قولاً.
وقد يتم التخريج مع وجود قول أو نص للشافعي ﵀، وذلك عند تعارض نص الشافعي مع القواعد المقررة في المذهب.
هذا هو المقصود بمصطلح «النقل» وبمصطلح «التخريج». أما المراد بعبارة أو بمصطلح «النقل والتخريج» فهو عبارة عن مسألتين متشابهتين من بابين مختلفين في الفقة نص الشافعي ﵀ على حكم كل واحد منهما في بابها أو موضعها. ثم يكون حكم إحداهما مختلفًا عن حكم الثانية، فيقول في إحداهما - مثلاً -: يصح. وفي الثانية: لا يصح. فيأتي أحد أئمة الشافعية فيجد أن الإمام نص في المسألتين على حكمين مختلفين، مع أن المسألتين - في نظر هذا المجتهد - متفقتان، وأنه ليس بينهما ما يصلح أن يكون فارقًا، فينقدح في ذهنه أنه كان ينبغي أن يكون قول الإمام فيهما واحدًا: إما يصح في هذه وتلك، وإما لا يصح في كلتيهما، ولما كان لا يجوز له إبطال أحد هذين الحكمين المنصوص عليهما، فيرى إلحاق حكم كل مسألة إلى الأخرى، أي فَيُخَرِّج - في إحدى المسألتين - قولاً ثانيًا من المسألة الأخرى المنصوص فيها بقوله: لا يصح، فيجعله هو تخريجاً في الأولى، فيكون فيها قولان:
الأول: يصح، وهو المنصوص عليه فيها.
والثاني: لا يصح، وهو المخرج من الثانية.
وهكذا يفعل في المسألة الثانية، فإذا عبروا عن حكم إحدى المسألتين قالوا: فيها قولان، بالنقل والتخريج.
وعن هذا المسلك قال في الروضة: «ذكر الشيخ أبو إسحاق أنه إذا نص الإمام في واقعة على حكم، وفي أخرى شبهها على خلافه: فلا يجوز نقل قوله في