إليها (١) واستؤنس لها بقوله تعالى ﴿قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ﴾ [يوسف: من الآية ٦٦] وخرج بمن عليه مال يصح ضمانه التكفل ببدن غيره كالتكفل ببدن مكاتب للنجوم (٢)، وإنما لم يشترط العلم بقدر المال; لأنه تكفل بالبدن لا بالمال، وقوله: كأصله من عليه مال يوهم أن الكفالة لا تصح ببدن من عنده مال لغيره، وليس مرادا بل تصح، وإن كان المال أمانة كوديعة كما شمله قوله فيما يأتي: أو استحق إحضاره وشمل كلامه ما صرح به أصله من صحة الكفالة ببدن المحبوس والغائب وإن تعذر تحصيل الغرض منهما حالا "أو"ببدن من عليه "عقوبة لآدمي" كقصاص وحد قذف (٣) لأنها حق لازم كالمال ولأن الحضور مستحق عليه "لا" ببدن من عليه عقوبة "لله" تعالى لبناء حقه - تعالى على الدرء، وتعبيره بالعقوبة في حق الله - تعالى أعم من تعبير أصله فيه بالحد لشموله التعزير قال الأذرعي (٤): ويشبه أن يكون محل المنع حيث لا يتحتم استيفاء العقوبة فإن تحتم. وقلنا: لا تسقط بالتوبة فيشبه أن يحكم بالصحة "والضابط" لصحة الكفالة "صحتها" أي وقوعها "بالإذن"من المكفول مع معرفة الكفيل له; إذ ليس لأحد إلزام غيره بالحضور إلى الحاكم بغير إذنه ومعرفته بخلاف الضمان لا يشترط فيه إذن المضمون عنه، ولا معرفته لجواز
(١) "قوله للحاجة إليها"; لأن الحاجة تدعو إلى معاملة الغريب ولا يوثق بملكه ويخاف عدم الظفر به ولو ظهر الاستحقاق ولأن المبيع إن لم يخرج مستحقا فلا ضمان، وإن خرج بان وجوب رد الثمن وصحة الضمان، ولا جهالة; لأن الثمن معلوم فإن استحق بعضه فهو بعض ما ضمنه فلا يضر جهالته كصحة البيع فيما إذا خرج بعض المبيع مستحقا وكتب أيضا ولإطباق الناس عليها في الإعصار كالمال، واحتج له بالعباس تكفل للنبي ﷺ بأبي سفيان. (٢) "قوله كالتكفل ببدن مكاتب للنجوم"أو ببدن من أخذه ظالم ليصادره. (٣) "قوله كقصاص وحد قذف"مثل بمثالين لينبه على أنه لا فرق بين أن يكون الحق مما يدخله المال كالقصاص أو لا كالقذف. (٤) "قوله قال الأذرعي"أي وغيره وقوله: ويشبه إلخ ما تفقهه ليس بظاهر لما تقدم من تعليلهم فيؤخذ بإطلاقهم، واستشكل تصوير الكفالة بحد الله - تعالى; لأن استيفاءه يجب على الفور، وأجيب بتصويره بأن يثبت عليه حد الزنا مثلا في وقت لا يجوز استيفاؤه فيه كالحر الشديد ونحوه فيجيء من يتكفل ببدنه ليتركه الحاكم.