للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والكتابة ثم تصالحا على شيء، ولو أقام المدعي بينة بعد الإنكار (١) صح الصلح لثبوت الحق بها كثبوته بالإقرار قاله الماوردي ووافقه الغزالي (٢) بعد القضاء بالملك، واستشكله قبله; لأن له سبيلا إلى الطعن، ولو ادعى عليه عينا فقال: رددتها إليك ثم صالحه قال البغوي في فتاويه: إن كانت في يده أمانة لم يصح الصلح; لأن القول قوله فيكون صلحا على إنكار وإن كانت مضمونة فقوله في الرد غير مقبول وقد أقر بالضمان فيصح الصلح (٣) ويحتمل بطلانه فإنه لم يقر أن عليه شيئا وإذا صالح على الإنكار، وكان المدعي محقا فيحل له فيما بينه وبين الله - تعالى - أن يأخذ ما بذله قاله الماوردي، وهو صحيح في صلح الحطيطة، وفيه فرض كلامه.

فأما إذا صالح على غير المدعي ففيه ما يأتي في مسألة الظفر قاله الإسنوي قال: ولو أنكر فصولح، ثم أقر الصلح باطلا قاله الماوردي (٤)، ولقائل أن يقول: إذا أقر بأنه كان ملكا للمصالح حين الصلح فينبغي الصحة لاتفاقهما على أن العقد جرى بشروطه في علمهما أو في نفس الأمر انتهى، وفيه نظر; إذ شرط صحة الصلح الإقرار، وهو منتف حال العقد

"ولو قال: صالحني عن العين"التي تدعيها أو الدين الذي تدعيه "لم يكن مقرا"لأنه يحتمل أن يريد قطع الخصومة فالصلح بعده صلح على إنكار، وكذا لو قال: صالحني عن دعواك الكاذبة (٥)، أو عن دعواك بل الصلح عن الدعوى باطل مع الإقرار أيضا; لأن الدعوى لا يعتاض عنها ولا يبرأ منها "وإن قال بعني"


(١) "قوله ولو أقام المدعي بينة بعد الإنكاح صح"وكذا إذا حلف اليمين المردودة.
(٢) "قوله: ووافقه الغزالي إلخ"وجزم صاحب الكافي بهذا.
(٣) "قوله فيصح الصلح"أي كما لو أنكر بعد إقراره.
(٤) "قوله قاله الماوردي"ورجحه البلقيني وغيره قوله وفيه نظر; إذ شرط صحة الصلح الإقرار إلخ"قال البلقيني: الذي يظهر أنها لا تتخرج على مسألة من باع مال أبيه على ظن أنه حي فبان أنه ميت من جهة أن المدعى عليه الذي صار مشتريا يدعي العين لنفسه فكيف يعاوض ملكه بملكه على معتقده ظاهرا، فمن أجل هذا إقراره بعد ذلك لا يصح له الصلح; لأنه كان له مندوحة عن ذلك بأن يقرم ثم يصالح فلما قصر كان الصلح باطلا بخلاف البائع في مسألة من باع مال أبيه على ظن أنه حي فإن المشتري منه لا يدعي العين لنفسه وليس منه تقصير فجرى فيه الخلاف والأصح فيه الصحة.
(٥) "قوله وكذا لو قال: صالحني عن دعواك الكاذبة إلخ"أي أو الفاسدة.